بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
أمّا بعد
ملخص:
تعدّ (دراسة الازدهار العالمي” (Global Flourishing Study (GFS))، من أبرز المبادرات البحثية التي تناولت العلاقة بين الدين والازدهار النفسي، معتمدة على بيانات من أكثر من 200,000 مشارك في أكثر من 20 دولة.
تُبرز الدراسة تداخل تخصّصات متعددة، حيث شارك فيها باحثون من الطب السلوكي والدراسات الدينية، ما يدل على انفتاح متزايد على إدماج البُعد الديني في دراسة الظواهر النفسية. كما تعكس تبنّي الحقل النفسي الغربي مؤخرًا لمفهوم “الإزدهار” بمضامينه الروحية والفلسفية، بعد أن ظلّ مُهمّشًا في البحوث التجريبية. ومع ذلك، فقد اختزلت الدراسة الدين في مؤشرات سلوكية قابلة للقياس، متجاهلة أبعاده العقدية والقيمية. كما تسجّل الدراسة مفارقة لافتة، حيث أظهرت أن مجتمعات ذات غالبية مسلمة حققت مستويات مرتفعة من الازدهار النفسي رغم التحديات الاقتصادية، مما يدعو إلى التأمل في مصادر هذا التوازن الداخلي.
وفي الختام، تعزز الكاتبة من خلال هذه القراءة النقدية أهمية النموذج الإسلامي بوصفه مشروعًا معرفيًا متكاملًا يستند إلى الوحي ويقدّم رؤية شمولية للنفس الإنسانية.
مقدمة
يشهد علم النفس المعاصر اهتمامًا متزايدًا بإدماج البُعد الديني والروحي في فهم النفس الإنسانية، وهو ما يُعدّ مؤشرًا على تنامي الوعي بحدود المقاربات المادية التقليدية في هذا المجال. وتُظهر بعض التوجّهات الغربية الحديثة محاولةً لتعويض هذا النقص من خلال تبنّي مفاهيم فلسفية وروحية، إلا أن هذه المحاولات تظلّ محدودة في قدرتها على تقديم رؤية متكاملة للإنسان.
تعدّ (دراسة الازدهار العالمي”(Global Flourishing Study (GFS)) مشروعًا بحثيًا دوليًا واسع النطاق، وهي أول دراسة طُولِيَّة عالمية بهذا الحجم والتنوّع الجغرافي، إلى قياس الازدهار النفسي بالاستناد إلى بيانات تشمل أكثر من 200 ألف مشارك في 20 دولة. وتُبرز القراءة النقدية لهذه الدراسة عددًا من المؤشرات المعرفية المهمة، التي تؤكد الحاجة إلى تطوير نموذج معرفي بديل، يتمثّل في نظرية نفسية إسلامية شاملة، تُعيد بناء مفهوم النفس من منظور تكاملي يستند إلى المرجعية القرآنية والنبوية، بما يُسهم في تطوير علم نفس يستجيب لخصوصيات المجتمعات الإسلامية.
الازدهار النفسي بين الرؤية الغربية والمفاهيم الإسلامية: قراءة تحليلية نقدية:
شهد علم النفس الغربي خلال العقود الأخيرة تحولًا إبستمولوجيًا ونوعيًا في بنيته النظرية ومجالات اهتمامه. إذ انتقل من النموذج العلاجي التقليدي، الذي ركّز على تشخيص الاضطرابات النفسية وعلاجها، إلى نموذج أعمّ يُعنى بتعزيز النمو الإنساني الإيجابي، وجودة الحياة، والصحة النفسية الوقائية. وقد أسفر هذا التحول عن توسّع المقاربات النفسية لتشمل أبعادًا تتعلق بالمعنى، والفضيلة، والعلاقات الإنسانية، مما فتح المجال أمام مفاهيم أعمق، كان من أبرزها مفهوم “الازدهار النفسي”.
ويُعد هذا المفهوم من الركائز في علم النفس الإيجابي، ويُعرّف الازدهار النفسي في الأدبيات المعاصرة بوصفه حالة من الاتزان الشامل، يعيشها الفرد عبر ستة أبعاد رئيسة: السعادة والرضا، الصحة الجسدية والنفسية، المعنى والغرض من الحياة، الأخلاق والفضيلة، العلاقات الاجتماعية، والاستقرار المالي. وقد حظي هذا التوجّه باهتمام ملحوظ من مؤسسات أكاديمية ومراكز بحثية رائدة، مما عزّز حضوره في الأبحاث النفسية المعاصرة، وساهم في توسيع نطاق البحث في محددات الرفاه الإنساني، كما تجلّى في مشاريع كبرى مثل دراسة الازدهار العالمية.
غير أن هذا التحول المفاهيمي، على الرغم من حداثته النسبية، يثير إشكالًا منهجيًا جديرًا بالتأمل، يتمثل في التساؤل حول أسباب القبول المتزايد بإدماج الأبعاد الأخلاقية والفلسفية والروحية ضمن نماذج علم النفس الغربي المادي، في مقابل ما يُوَاجِهُ الباحث في علم النفس الإسلامي من تحفظات منهجية حين يسعى إلى استخدام مفاهيم قرآنية أصيلة ضمن إطار علمي معرفي. ويطرح هذا التناقض إشكالية معيارية تتصل بكيفية تحديد ما يُعدّ “علميًّا” في مجال العلوم النفسية، وما إذا كانت الخلفية الثقافية للمفاهيم تُعدّ مبررًا كافيًا لقبولها أو رفضها.
إنّ إعادة إدراج المفاهيم الإسلامية في علم النفس لا ينبغي أن تُفهم باعتبارها إسقاطًا دينيًا على حقل معرفي محايد، بل تُعدّ إحياءً للرؤية القرآنية الشاملة للإنسان في أبعاده الجسدية والروحية والنفسية، وهي رؤية تتجاوز في شمولها وعمقها العديد من التصورات الغربية الحديثة. ومن هذا المنطلق، فإن تأصيل مفاهيم مثل “تزكية النفس” و”الحياة الطيبة” و”النفس المطمئنة” وغيرها ضمن نموذج معرفي منبثق من المرجعية الإسلامية يُمثّل مسعىً علميًّا مشروعًا.
الدين في الأبحاث النفسية الحديثة: تجربة التكامل المعرفي بين هارفارد وبايلور.
تمثّل دراسة الازدهار العالمي تحولًا مفاهيميًا لافتًا في الاتجاهات المعرفية الحديثة داخل علم النفس الغربي، حيث بدأت مؤسسات أكاديمية مرموقة كجامعة هارفارد تعيد النظر في الدين والروحانيات كعناصر مهمة في تشكيل الرفاه النفسي والاجتماعي. وفي شراكة علمية مع معهد الدراسات الدينية واللاهوتية بجامعة بايلور، وهي مؤسسة ذات طابع ديني واضح، تبرز هذه الدراسة بوصفها نموذجًا نوعيًّا لتعاون التخصصات بين علم النفس والدراسات الدينية. ويُعزّز هذا البُعد التكاملـي الطابع التخصصي للفريق البحثي المشرف على الدراسة؛ حيث يشترك في قيادتها كلٌّ من البروفيسور تايلر فاندرفيليت (Tyler VanderWeele)، أستاذ علم الأوبئة والإحصاء الحيوي بجامعة هارفارد، والمتخصص في بحوث الدين والصحة النفسية، والبروفيسور بايرون جونسون (Byron Johnson)، أستاذ علم الاجتماع والعلوم الدينية بجامعة بايلور، والخبير في تأثير الممارسات الدينية على السلوك الاجتماعي.
يُسهم هذا التوجّه في تفكيك ولو جزئي للثنائية التقليدية بين “العلمي” و”الديني” التي طالما سادت في الحقول النفسية الغربية، من خلال تعاون علمي بين مختصين من خلفيات معرفية مختلفة، يشكّل نموذجًا عمليًا لتجاوز هذا الانقسام وتقديم قراءة أكثر اتساعا للرفاه الإنساني. ويُعد هذا التوجه تحولًا نوعيًا في مسار علم النفس الغربي، حيث يشير إلى تراجع الازدواجية المصطنعة بين “العلم” و”الدين” التي رسّخها الفكر الغربي الحديث. وتأتي مشاركة شخصيات أكاديمية بارزة، مثل تايلر فاندرفيليت، بروفيسور علم الأوبئة والإحصاء الحيوي بجامعة هارفارد، لتؤكد أن الدين لم يعد يُتناول كمجرد ظاهرة ثقافية أو ميتافيزيقية، بل بات أثره الإيجابي على الرفاه النفسي والاجتماعي مدعومًا بأدلة علمية وإحصائية.
إن هذا التكامل، وإن كان نسبيا، بين البعدين العلمي والديني يُقدّم للباحثين في علم النفس الإسلامي مرجعية عملية ونموذجًا تطبيقيًّا ناضجًا، يُثبت أن ربط العلوم النفسية بالعلوم الدينية لا يُمثّل خلطًا أو تراجعًا عن المسار العلمي، بل يعكس تطورًا في فهم الإنسان كوحدة متكاملة. ويمكن من خلال هاته الشراكة العلمية تجاوز النزعة الدفاعية، والانخراط بثقة في حوار علمي عالمي يثمّن الخصوصية الثقافية والدينية، ويُنتج نماذج تفسيرية ومعرفية منبثقة من الرؤية الإسلامية للصحة النفسية.
والمفارقة أن هذا التحوّل يحدث داخل مؤسسات علمية غربية مرموقة، في حين لا تزال بعض الأوساط العلمية في العالم الإسلامي تُبدي ترددًا أو رفضًا لإعادة دمج البُعد الديني في البحوث النفسية، نتيجة تأثرها بنموذج علمي مستورد، يعكس تبعية معرفية للغرب. ومن هنا تبرز الحاجة إلى تجاوز عقدة النقص تجاه النموذج الغربي، والانخراط في البحث العلمي من منطلق هوية معرفية مستقلة، تستند إلى التصوّر الإسلامي للإنسان وتوازن أبعاده الجسدية والنفسية والروحية.
ولعلّ ما يبعث على الأمل أن هذا التلاقي بين هارفارد النفسية وبايلور الدينية، من خلال مشروع علمي مشترك تقوده كفاءات مزدوجة التخصص، يُعزّز الحاجة الملحّة لدى المسلمين إلى بناء نظرية نفسية إسلامية شاملة؛ نظرية تنطلق من التصوّر الإسلامي المتكامل للإنسان.
الدين كعامل نفسي في دراسة الازدهار العالمي: الدين بين التجريد الغربي والتأصيل الإسلامي
تناولت دراسة الازدهار العالمي البُعد الديني كأحد المحددات المحورية في فهم الازدهار النفسي عبر الثقافات. وقد تميزت العينة بتنوّع ديني ملحوظ، حيث شملت مشاركين من خلفيات متعددة، كالإسلام والمسيحية واليهودية والهندوسية والبوذية، إضافة إلى اللادينية.
وقد أدرج الباحثون الدين والروحانية ضمن العوامل المؤثرة في الازدهار، مشيرين إلى دورهما في إضفاء المعنى على الحياة، وتعزيز الشعور بالانتماء، وتوفير إطار أخلاقي للسلوك. ولم يقتصر التناول على تحديد الانتماء الديني، بل تضمن مقاييس أخرى، مثل أهمية الدين في حياة الفرد، وتكرار حضور الشعائر الدينية في الطفولة وفي الحاضر، ومستوى الرفاه النفسي.
وأظهرت النتائج أن الأفراد ذوي المستويات الأعلى من التدين سجّلوا معدلات مرتفعة في مؤشرات متعددة للازدهار، مثل الرضا عن الحياة، والصحة النفسية، والشعور بالهدف.
رغم إدماج البُعد الديني في دراسة الازدهار العالمي، فإن هذا التضمين ظل خاضعًا لمنظور غربي يعتمد على الاختزال الكمّي والتعميم الثقافي، حيث اقتصر التناول على مؤشرات مثل “أهمية الدين” أو “تكرار الشعائر”، دون مراعاة للسياق العقدي الذي يمنح هذه الممارسات معناها الوجودي داخل كل منظومة دينية.
وبذلك، تتحوّل التجربة الدينية من بنية شاملة تُشكّل الرؤية الكونية للإنسان، إلى مجرد متغيّر سلوكي قابل للقياس، يُدرج في النماذج الإحصائية إلى جانب مؤشرات مثل الدخل أو التعليم. وهذه المقاربة لا تُنتج معرفة محايدة، بل تُعيد إنتاج تصور غربي للدين بوصفه خيارًا فرديًا أو شعورًا داخليًا، وهو ما يتعارض مع شمولية التدين في ثقافات كالإسلام، حيث لا يمكن اختزال الدين إلى حضور الطقوس أو أثرها النفسي فقط.
إن هذا التناول يعكس تحيّزًا بنيويًا في أدوات التحليل، نابعًا من مركزية النموذج الغربي، ويُقصي إمكانات الفهم الداخلي للتجربة الدينية. لذلك، فإن تجاوز هذه المحدودية لا يتحقق بإضافة مؤشرات جديدة فحسب، بل يتطلب منهجيات تفسيرية بديلة تستوعب الدين كمنظومة متكاملة، لا كمؤثر خارجي. النقد هنا لا يطال فقط ضيق أدوات القياس، بل يمس الفرضيات الكامنة داخل النموذج نفسه، الذي يفترض ضمنيًا قابلية جميع الأديان للاختزال إلى المقاييس ذاتها، متجاهلًا الفروق الجوهرية بين الأديان، خصوصًا بين التصورات التوحيدية وغير التوحيدية.
وعليه، فإن إدماج الدين في علم النفس لا ينبغي أن يُعدّ غاية في ذاته، بل يجب النظر إلى كيفية هذا الإدماج وأُطره المعرفية. فإما أن يُختزل الدين إلى ظاهرة قابلة للتفكيك والقياس (وفق النموذج الغربي)، أو يُستعاد بوصفه مرجعية شاملة تُسهم في بناء نظرية نفسية متكاملة، تنطلق من الداخل الإسلامي وتُحاور المنظومات السائدة من موقع نقدي مستقل.
الازدهار خارج النموذج: قراءة نقدية لنتائج المجتمعات المسلمة في دراسة الازدهار العالمي
تكشف نتائج دراسة الازدهار العالمي عن مفارقة لافتة؛ إذ حققت عدة دول ذات أغلبية مسلمة منها إندونيسيا، ومصر، ونيجيريا، مراتب متقدمة في مؤشرات الرفاه النفسي، متجاوزة بذلك دولًا ذات ناتج محلي أعلى بكثير مثل ألمانيا والولايات المتحدة. وقد جاءت تركيا في مقدمة الدول التي أظهرت فيها الممارسات الدينية المنتظمة كحضور الشعائر الدينية ارتباطًا قويًا بمؤشر الازدهار، حيث سجّل المشاركون الذين يحضرون أسبوعيًا فارقًا بلغ +0.73 نقطة مقارنة بمن لا يحضرون إطلاقًا، وهو من أعلى الفروق المسجلة في الدراسة.
ورغم أن هذا الترتيب يبدو مفاجئًا من منظور اقتصادي تقليدي، إلا أنه يُشير إلى اختلاف جوهري في البنية القيمية التي تُؤسّس لمفهوم الرفاه في هذه المجتمعات. فبعيدًا عن معيار الثروة أو المؤهلات الفردية، تبرز عناصر مثل التدين، واستقرار العلاقات الأسرية، والاندماج الاجتماعي، بوصفها محددات مركزية للراحة النفسية في السياقات الإسلامية. وما يعزز هذه المفارقة أن الدراسة وجدت علاقة عكسية بين ارتفاع دخل الفرد وإحساسه بالمعنى في حياته، مما يكشف عن فجوة بين التقدم المادي والرفاه النفسي في بعض الدول المتقدمة.
تُظهر النماذج الإحصائية أن حضور الشعائر الدينية المنتظم، خصوصًا منذ سن الطفولة، والزواج، والمشاركة المجتمعية، من أقوى العوامل المرتبطة إيجابيًا بالازدهار النفسي، في حين تراجع تأثير الدخل والتعليم مقارنة بها. ومن النتائج اللافتة كذلك أن التعرض للمعاناة أو الصعوبات في الطفولة كالعزلة أو الفقر قد يسهم أحيانًا في تعزيز المعنى أو الميل للعطاء لاحقًا، بدل أن يكون سببًا دائمًا لتدني الرفاه.
ولا يمكن تفسير هذه الظواهر في المجتمعات المسلمة من خلال العوامل الظاهرة وحدها، كالتديّن أو الدعم الاجتماعي، بل تعكس تصورًا إسلاميًا متكاملًا للنفس الإنسانية. فالنفس، في الرؤية القرآنية، ليست مجرد كيان يسعى إلى المتعة أو التوازن، بل هي محلّ للابتلاء، وميدانٌ للتزكية والمجاهدة، ووسيلة للسير إلى الله. وهي تتحرك ضمن منظومة من المعاني الإيمانية، ترتبط بمقاصد شرعية عليا، تتجاوز مطلب الراحة النفسية إلى تحقيق العبودية. ومن هنا يُفهم أن الصبر، مثلًا، ليس مجرد آلية تكيّف سلبية، بل مقام إيماني يُثمر طمأنينة وسموًّا نفسيًا، وأن الرضا يتجاوز كونه شعورًا ذاتيًا ليغدو موقفًا عقديًا يُرسّخ الصلة بالله.
ومع ذلك، فإن معالجة الدراسة لهذه المعطيات بقيت أسيرة لمعادلات كمية موحدة، أغفلت الخصوصيات الدينية والثقافية التي تمنح هذه المؤشرات معناها الحقيقي في كل سياق. فعلى سبيل المثال، حين يُقاس مفهوم “المعنى في الحياة” بمؤشرات تتعلق بتحقيق الذات أو النجاح الفردي، يتم إهمال الأبعاد الأخروية والروحية التي تمنح الإنسان في المجتمعات المسلمة طمأنينته وسكينته، حتى في ظل الفقر أو التحديات. وهذا القصور يجعل الدراسة قادرة على وصف الظاهرة بدقة، لكنها عاجزة عن تفسيرها من داخل منظومتها القيمية الأصيلة.
إن تحدي فهم النفس في المجتمعات الإسلامية يكمن في غياب النماذج التفسيرية المنبثقة من داخلها. إن بناء نماذج تحليلية نابعة من المرجعية الإسلامية لم يعد ترفًا فكريًا، بل ضرورة لفهم النفس في بيئتها القيمية الأصيلة.
خاتمة:
تُظهر الاتجاهات الحديثة في علم النفس، كما تعكسها نتائج دراسة الازدهار العالمي المنشورة في المجلة المحكّمة Nature Mental Health المصنفة ضمن الربع الأول (Q1) بحسب SCImago، اهتمامًا متزايدًا بإدماج البُعد الديني والروحي في فهم الرفاه النفسي. ويُعد هذا التحول خطوة إيجابية نحو تجاوز التصورات النفسية التي اختزلت الإنسان في جوانبه البيولوجية أو السلوكية فقط.
ومع أهمية هذا الانفتاح، إلا أن كثيرًا من النماذج الغربية لا تزال تفتقر إلى الإطار المرجعي الكلي القادر على معالجة القضايا التأسيسية المتعلقة بمقصد وجود الإنسان ومآله. لذا، لا يُطرح التصوّر الإسلامي كخيار بديل فحسب، بل كإطار معرفي (براديم) متكامل يستند إلى الوحي، ويقدّم فهمًا أعمق للنفس البشرية. ويمثّل بناء نظرية إسلامية نفسية شاملة ضرورة علمية، إذ يوفّر التصوّر الإسلامي فهمًا متوازنًا للإنسان في أبعاده العقلية والنفسية والجسدية والروحية، منسجمًا مع غايته ومرجعيته العقدية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال:
VanderWeele, T.J., Johnson, B.R., Bialowolski, P.T. et al. The Global Flourishing Study: Study Profile and Initial Results on Flourishing. Nat. Mental Health 3, 636–653 (2025). https://doi.org/10.1038/s44220-025-00423-5
https://www.nature.com/articles/s44220-025-00423-5
مؤلفو البحث موضوع التحليل:
دراسة الازدهار العالمية يقودها الأستاذ تايلر ج. فاندرويل من هارفارد والأستاذ بايرون ر. جونسون من بايلور، ويشارك فيها فريق بحثي واسع من باحثين متخصصين في مجالات الصحة، والنفس، والاقتصاد، والمجتمع، والدين، ويغطون أكثر من 22 دولة حول العالم.
تايلر ج. فاندرويل (Tyler J. VanderWeele): أستاذ علم الأوبئة والإحصاء الحيوي في جامعة هارفارد، ومدير برنامج الازدهار الإنساني بها ومدير “دراسة الازدهار العالمية”. حاصل على درجات علمية متعددة من جامعات مرموقة مثل أكسفورد وهارفارد، وله أكثر من 500 منشور علمي. يُعرف بأبحاثه الرائدة في مجالات الازدهار البشري.
بايرون ر. جونسون (Byron R. Johnson): أستاذ علم الاجتماع ومدير معهد دراسات الدين في جامعة بايلور، ويُعد من أبرز الباحثين في العلاقة بين الدين والسلوك الاجتماعي. شارك في تأسيس “دراسة الازدهار العالمية” بالشراكة مع جامعة هارفارد. نشر أكثر من 225 بحثًا علميًا وكتابًا في قضايا الإيمان، العدالة الاجتماعية، وجودة الحياة.
الترجمة والتحليل:
الدكتورة ليلى الشريف: استشارية طب نفس أطفال ومراهقين، بروفيسورة مشاركة سابقة بكلية الطب بصفاقس، تونس، مقتدرة في العلاج السلوكي المعرفي، نشرت عشرين بحثا علميا في مجلات علمية محكّمة، حاصلة على بكالوريوس العلوم الإسلامية تخصص القرآن الكريم وعلومه، باحثة في العلم النفسي الإسلامي.