احدث الإشعارات

“التعليم بين المنظور الإسلامي والغربي”

السؤال:

استمعت لمحاضرتكم "رؤية نقدية للنظريات التربوية الغربية المعاصرة"(1)، واستفدت منها جدًا بارك الله فيكم. لكن أردت من حضرتكم توضيح موقفكم من التعليم النشط، ببعض التفصيل لو سمحتم. لأني أعمل في تعليم وتدريب الأطفال والناشئة (4-12 سنة). لأي حد يمكننا استخدام أنشطة وأساليب التعليم النشط (الانشطة الحسية التي تقرّب المعاني المجردة للطفل)؟ ولأي أعمار نستخدمها حسب رأيكم؟

الإجابة:

نعم، مفهوم التعليم، والهدف من التعليم، والغاية من التعليم، مختلفة في المنظور الإسلامي عن المنظور الغربي، وبالتالي ستختلف الوسائل.

المنظور الغربي عمومًا لأسباب متعددة، بداية من روسو وديوي الذي هو فلسفة إنه الهدف من التعليم في المنظومة الغربية هو إخراج إنسان وظيفي، إنسان قادر على أن يعمل في هذه المجتمعات التي أصبحت دولًا، أصبحت مؤسساتية، المجتمعات التي تحولت إلى مؤسساتية ضخمة، دول، وأنظمة، وقوانين، إلى آخره، فالمطلوب هو: إخراج إنسان يستطيع التعامل مع هذه الأنظمة، ديمقراطي، وليبرالي، ومنفتح على الآخرين، إلى آخره.. هذا فيما يتعلق بغايات التعليم.

فيما يتعلق بوسائل التعليم، المنظور الغربي عمومًا لا يؤمن بالمرجعية، بمعنى إنه لا يؤمن بوجود مرجعية سابقة لها أحقية التصويب والخطأ، ولهذا يتبنون مجموعة من القواعد، أهم القواعد هذه، قاعدة اسمها: (الاكتشاف الموجه)، وعدم فرض الوصايات والتعليم، والذم الكثير الذي تجدونه في الكتب الجامعية، الذم الكبير للتقليد والحفظ، والتركيز على ما يسمونه التفكير الإبداعي، إلى آخره.

فهذا كله منشأه فلسفة تقول إنه الإنسان يتعلم بالاكتشاف – هذا من نظريات بياجيه –  التحفيز التعليمي، التحفيز هو الذي يولد، الإنسان يكتشف، بياجيه كان يسمى الطفل هو الباحث الصغير، لا، الطفل ليس باحثًا صغيرًا، الطفل متعلم صغير،وهذا فيه نقاش كثير طبعًا. وبالتالي نتج عن هذا إن تركيزهم على ما يسمى بأساليب التعليم، أو استراتيجيات التعليم، أو طرق التعليم، أصبحت تركز على الجزء المتعلق بكيفية اكتساب المعلومة. غالبية النظريات الغربية في التعليم تركز على كيف يكتسب الطالب المعلومة، لذلك يركزون على ما يسمونه التعليم النشط.

التعليم النشط معناه: أن الطالب هو الذي يكتشف المعلومة بنفسه بالبحث والتقصي، والباحث الصغير إلى آخره.. لأنهم كما ذكرنا قبل قليل لا يؤمنون بوجود مرجعية سابقة قادرة على أن تحدد الصواب والخطأ.

 

بينما نحن في المنظور الإسلامي نرى إنه: 

أولًا: وجود مرجعية سابقة لها القدرة على التصويب والخطأ.
ثانيًا: نؤمن بأن أهداف التعليم أسمى من ذلك، التعليم والتربية لا يمكن فصل بعضهما عن بعض.
وأيضًا نحن نركز على ما بعد اكتساب المعلومة، نحن نقسم الأنشطة والتمارين _وهذا هو الذي نجري عليه الآن مع الإخوة والأخوات في منصة سكينة في الحقائب الجديدة التي سنخرجها قريبًا إن شاء الله_ أننا قسمنا المرحلة التعليمية إلى جزئين: جزء متعلق باكتساب المعلومة والتعلم، وهذا له أنشطة معينة ليس من ضمنها أنشطة التعليم النشط؛ إنما هو ما يسمونه هم “التعليم التقليدي” ذمًا له، إنما هو الأفضل، إن الطالب يبذل الجهد الكافي للتعلم.
التعلم هنا معناه أن الطالب يأخذ المعلومة ممن سبقه. ومن الغرور والكذب أننا نوهم الطلاب أنهم قادرين في هذه الأعمار الصغيرة على اكتشاف المعلومة لوحدهم. لأ، هو يحتاج أن يلقنه أحد المعلومة الصحيحة، ولكن نلقنه بالدليل: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، نحن نعلم ولكن بالبيانات والزبر، هذا هو الفرق الأساسي في المنظور الإسلامي.

ثم يأتي القسم الثاني وهو بنفس الدرجة من الأهمية لا يقل أهميته عن الجزء الأول وهو: الجزء المتعلق بما بعد اكتساب المعلومة، بعد التعلم، وهو الممارسة. ويجب أن تركز الدورات التدريبية للأطفال وغير الأطفال على الممارسة في الحياة اليومية، وعلى الابتكار في هذا الأمر والاجتهاد في متابعة الطلاب في تطبيق ما تعلموه، وهذا متعب أكثر، لأنه يستلزم أننا نتابع الطالب في خارج الفصل، وهذا متعب، ولكن هذا هو المطلوب أننا نتابع الطالب حتى بعد أن يخرج من الدورة، ماذا فعلت؟ كيف ستطبق ما تعلمته، إلى آخره.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. محاضرة رؤية نقدية للنظريات التربوية الغربية المعاصرة | د. خالد بن حمد الجابر.

اترك تعليقاً

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً

إسئلة ذات صلة

استكشف المجالات والشعارات

Scroll to Top