احدث الإشعارات

“التشوهات المعرفية في الميزان الإسلامي”

السؤال:

سؤال فيما يخص مفهوم التشوهات الفكرية أو المعرفية لدى آرون بيك: ‏هل تعتبر التشوهات الفكرية هي ذاتها الأفكار الوسواسية التي يلبس بها إبليس على البشر؟ (تلبيس إبليس) ‏وذلك وفق منظور النظرية الشاملة في علم النفس الإسلامي؟

الإجابة:

فيما يخص ما يسمونه التشوهات المعرفية وأخطاء التفكير:

نحن في علم النفس الإسلامي لا نستعمل مفهوم “التشوهات المعرفية” بالمصطلح الغربي، لأن هذا المفهوم قائم على فلسفة عقلانية مادية، ترى أن كل الظواهر النفسية موجودة في الدماغ، وأنها مجرد نشاط دماغي يُعبَّر عنه بالأفكار، ولا تؤمن بوجود “نفس” متكاملة مع العقل، بل تختزل الإنسان في العمليات المعرفية والبيولوجية فقط، وتفصل التفكير عن الإرادة والإيمان والأخلاق.

أما في المنظور الإسلامي للعلاج، فإن المعالجة تقوم على أسس أوسع وأعمق، منها:

  1. أن العقل يُخاطب النفس، وليس مجرد عملية تفكير تدور داخل الرأس، مما يغيّر زاوية النظر جذريًا.
  2. أن الخلل لا يُفسَّر فقط بوجود أفكار مشوَّهة، بل يُنظر إليه من خلال الصفات النفسية، والإرادات، والتصورات، والعلاقات، وهي أوسع وأعمق من مجرد أخطاء في التفكير.
  3. أن الطريقة في العلاج ليست طريقة فلسفية سقراطية تقوم على الجدل والأسئلة، ولا طريقة “الاكتشاف الموجَّه”، بل تعتمد الأسلوب التوجيهي التعليمي، الذي يجمع بين الحكمة والشرع والعقل الراشد.
  4. أن تصحيح التفكير لا يكون عبر الأفكار الجزئية فقط، بل عبر تعديل التصورات الكبرى عن الله، والحياة، والموت، والابتلاء، والسعادة… وهذه هي التي تُعدّل النفس

وقد قلنا في عدة محاضرات في هذا النموذج أن:

النموذج الإسلامي يقوم على ركنين العلم والعمل.

لكن العلم هنا ليس هو التفكير عند المعرفي والعمل ليس هو السلوك عند السلوكي. 

العلاج المعرفي هو علاج عقلاني قائم على منطلقات فلسفية مادية لا دينية، ولا يؤمن بمرجعية عليا حاكمة، ولا بمبدأ التلقين والتوجيه، بل يؤمن بما يسمّونه “الاكتشاف الموجَّه”.

بينما مفهوم العلم في المنظور الإسلامي يجمع بين خطاب النفس لنفسها، أو خطاب الآخرين لها، ويتضمن مفاهيم دينية، أو توجيهات حكيمة، أو خطابًا عقليًا راسخًا.

فالخلاصة:

لا تُعدّ التشوهات المعرفية محورًا مركزيًا في علم النفس الإسلامي كما هو الحال في العلاج المعرفي الغربي، وإن كان يمكن الاستفادة من بعضها جزئيًا، إلا أن الميزان الذي تُوزن به أوسع، ويخضع لمنظومة التصورات، والبناء النفسي، والمنهج التوجيهي الإصلاحي، لا لمجرد التصحيح العقلي المنطقي.

اترك تعليقاً

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً

إسئلة ذات صلة

استكشف المجالات والشعارات

Scroll to Top