احدث الإشعارات

د. رشا نصر زيدان

تلخيص كتاب: الحيلة لدفع الأحزان.

رسالة قوية غاص الكندي فيها في النفس البشرية، فبدأ بالدوافع والأسباب للحزن ثم شرع في العلاج، وفيه ما يعرف الآن بالعلاج السلوكي المعرفي، حتى يستطيع الإنسان أن يسأل نفسه بعد قراءته للرسالة، لماذا الحزن، وكيف يبرأ منه، ومن جميل ما أشار إليه أن الحزن وضع وليس طبع، فإذا تيقن الإنسان بهذا، علم أنه يستطيع تغيير هذا الشعور.

القسم الأول: التعريف بالكتاب. 

معلومات الكتاب الأساسية: 

العنوان:  الحيلة لدفع الأحزان
المؤلف، المحقق:  يعقوب بن إسحاق الكندي
سنة النشر/ التحقيق:  د. ت، لا يوجد تحقيق
عدد الصفحات:  26 صفحة
المجال:  الفلسفة وعلم نفس
النوع:  خاص

هدف الكتاب: 

الهدف الرئيسي للكتاب:  إجابة على سائل عن دفع الأحزان

القسم الثاني: تلخيص الكتاب. 

تقديم عام للكتاب: 

تُعتبر هذه الرسالة إجابة على استفسار وارد من أحد السائلين، وكما هو حال أغلب العلماء المتقدمين، يقومون بتأليف الكتب والرسائل استجابة لأسئلة الأفراد حتى تعم الفائدة. في هذا السياق، استفسر السائل عن كيفية التخلص من الحزن؛ ولقد برع الكندي في اختيار عنوان الرسالة؛ فعنونها بلفظة “الحيلة”، ولم يختر مثلًا الوسيلة أو الطريقة، فالحيلة في اللغة: “خُدْعَةً، خَدِيَعةً، مَكِيدَةً”، أو حِذْق وجودة نظر وقدرة على التّصرّف في الأمور، فكأنما أراد الكندي أن يقول لقارئ الرسالة أنه عليك الاتصاف بصفة المرونة والقدرة على التصرف، حتى تستطيع أن تخادع الشعور بالحزن، وقد جاءت إجابته موضحة أن الحزن هو: كل ألم غير معروف الأسباب ولا علاج له. ولذا ينبغي توضيح أسباب الحزن ومعرفة ماهيته قبل محاولة علاجه. ولهذا السبب بدأ بشرح تعريف الحزن وأسبابه. 

تلخيص مختصر لمواضيع الرسالة: 

الفكرة الأساسية للرسالة: كيفية دفع الحزن 

الأفكار الفرعية المهمة التي تتضمنها: فهم حالة الحزن أسبابها ودوافعها 

بداية الرسالة أوضح الكندي أن الحزن هو ألم يعتري النفس، وهو راجع إلى أحد أمرين؛ الأول: فوت أشياء محبوبة ومرغوبة للنفس، والثاني: فقدان محبوب، إذًا الحزن راجع إلى محبوبات ومطلوبات.
ثم طرح سؤلًا للبحث، هل يمكن أن يتخلص المرء من هذه الأسباب أحد؟ فأجاب بلا! إذ أنه لا يمكن لأحد أن ينال جميع مطلوباته؛ ولا يسلم من فقد جميع محبوباته، لأن الثبات والدوام معدوم في هذا العالم الذي نعيش فيه، وفيه من الفساد ما فيه، فالعالم متغير من حولنا. 

وقسم الكندي في رسالته هذه المحبوبات والمطلوبات إلى: حسية وعقلية: وأشار أن الثبات والدوام لهذين القسمين إنما يكون في العالم العقلي، فإذا أراد الإنسان ألا يفقد محبوباته أو تفوته مطلوباته، فعليه أن يشاهدها في العالم العقلي لا العالم الحسي، لأن العالم الحسي موقوت بزمان ومكان، أما العالم العقلي فهي غير زائلة، وهي مدركة غير فائتة؛ وذلك لا يستطيع أحد أن يسلبها.  

يبدو أن الكندي يشير إلى ضرورة تقليل الاهتمام بالمحسوسات والامتلاك والاكتناز، فهو ربط بين الحزن والملكية، لأنهم قالوا: “أن المالك للشيء مملوك له “، لأنه يعتبرها من العاريات، وهي تزيد من الهم والحزن لدى الإنسان، وليست ذات دوام وثبات، ففي نهاية المطاف، سيأتي وقت يفقد فيه الإنسان هذه الأشياء، لأن الثبات والاستمرارية ليستا من خصائص المحسوسات، وذلك مصداق قول الله تعالى: (إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)) (العاديات: 6-8). 

بعد أن انطلق الكندي من مفهوم أن الحزن هو كل ألم لا يُعرف سببه ولا يُرجى علاجه، شرع في توضيح الأسباب وراء الحزن. فالتشخيص السليم هو أول خطوات العلاج الصحيح. وأوضح أن الحزن أمر لا مفر منه في هذه الدنيا، وأن الإنسان يجب أن يركز على ما يمتلكه بدلًا من النظر إلى ما في يد الآخرين، وأن تكون لديه مهارة الاستغناء لأنها تشير إلى النفوس العالية. بينما النفوس الدنيئة تميل إلى اشتهاء ما في يد الآخرين. وقد قسم الحزن إلى قسمين رئيسيين: 

الأول: يحدث بسبب فعل نقوم به، ويتوقف على إرادتنا، والثاني ينشأ عن عمل يقوم به الغير ويتوقف الأمر على إرادته، فالقسم الأول يمكن أن نتخلص منه، لأننا نستطيع أن نتجنب الأسباب، وإذا كان من أسبابه حب تملك الأشياء، فندرب النفس على الزهد.
من اللطيف في هذه الرسالة أن الكندي وضع مبادئ ما يعرف باضطراب اكتناز الأشياء Hoarding disorder، وفي المقابل مبادئ Minimalism، وهذا يدل على سبق علماء المسلمين في وضع مبادئ علم النفس الإسلامي. 

الثاني: ينشأ نتيجة فعل يقوم به الآخر، ويتوقف على إرادته، وهو من الأمور التي لا يمكن للإنسان دفعها، حيث يكون خارج نطاق إرادته، ومع ذلك، يملك الإنسان القدرة على اختيار كيفية التفاعل مع هذا الحزن، ويجب عليه أن يجتهد في مقاومته بلطف، فينبغي عليه أيضًا أن يعامل نفسه بتعاطف ولا يكون سببًا في تفاقم الحزن، حتى لا يكون ظالمًا لنفسه. 

أشار الكندي إلى فكرة عدم توقع حدوث الأمور قبل وقوعها، حيث يؤدي ذلك إلى وضع الإنسان في حالة من الحزن والقلق بشأن أمر قد يحدث أو لا يحدث، وتوقع السيء مسبقًا. كما ذكر أن قدر الله يأتي ومعه اللطف، وهذا يعد إحدى مبادئ توصيف اضطراب القلق. 

الحيل التي سردها الكندي في دفع الحزن:  

الحيلة الأولى: حيلة فهم ما نمتلكه وما نستطيع فعله 

يجب على الإنسان أن يكون مدركًا لأفعاله وردود فعله، إذ ينبغي للفرد الحكيم أن يدرك أن ما يمتلكه من موارد وما يحيط به هو أمانة من الله تعالى، وله الحق في استردادها في أي وقت يشاء. وعندما يتعلق الأمر بالمال أو الممتلكات، فإن الآخرين أيضًا يملكون هذه الأمور، وهي متغيرات قد تزول بمرور الوقت، يتفاوت البشر في إمكانياتهم وقدراتهم، لذا يجب على الفرد الذكي أن يركز على تحسين نفسه واستغلال ما يمتلكه من قدرات وخيرات داخلية، عليه أن يبدأ ببناء العادات الصغيرة والمستمرة حتى يصل إلى تحقيق الأهداف الكبرى. 

الحيلة الثانية: حيلة التذكر  

فكل شيء فقده الإنسان أو فاته، فقد فات خلقًا كثيرًا، وفقده خلق كثير، وقال العامة: “من نظر إلى بلوى الناس هانت عليه بلواه”، فمن فقد ولده، أو لم ينجب؛ فهناك خَلق كثير مثله، ففي هذا سلوى لنفسه، فهنا يدرك أن الحزن وضع، لا طبع. 

 ومن الأمور المعينة على ذلك تذكر سيرة الرسول صلى الله عليه، ففيها السلوى والصبر، قال تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب:21)، فما من ابتلاء أو فقد إلا ومر به الرسول صلى الله عليه وسلم، وجاء في السنة أنه: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: فتحَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ بابًا بينهُ وبينَ الناسِ، أو كَشَفَ سِترًا، فإذا الناسُ يُصلُّونَ وَرَاءَ أبي بكرٍ رضي الله عنه، فَحَمِدَ اللهَ على ما رأى من حُسْنِ حالِهِم، ورَجَا أن يَخلُفَهُ اللهُ فيهم بالذي رآهُم، فقالَ: يا أيها الناسُ، أيُّما أحَدٍ من الناسِ، أو من المؤمنينَ، أُصيبَ بمصيبَةٍ فليَتَعَزَّ بمصيبتِهِ بي عن المصيبةِ التي تُصيبُهُ بغيرِي، فإن أحَدًا من أُمَّتي لَن يُصابَ بمُصيبَةٍ بعدي أشَدَّ عليهِ من مُصيبتي) رواه ابن ماجه ح1599 وصححه الألباني. 

وأيضًا تذكر أنه من أراد ألا يصيبه مصيبة، فهذا معناه أنه لا يكون شيئًا، يعيش هملًا على هامش الحياة، وهو أيضًا شخص غير عاقل وجاهل، لأن الفساد والشر جزء من الحياة الدنيا، فمن الجنون والجهل أن نطلب ألا يوجد فساد أو شر. 

الحيلة الثالثة: فهم حقيقة العطاء وأنه عارية 

إذا فهم الإنسان أن حقيقة ما يملكه هو عارية من المعطي سبحانه وتعالى، يمكن أن يتناول عاريته متى شاء ويدفعها إلى من يشاء، فيجب أن يكون على بال المرء أن المعير له أن يتناول ما أعار ويرتجعه على يد من أحب، فإنه ليس علينا فيه عار ولا سبة، فإذا منع الله شيئًا عن عبده، فليس بالضرورة أنه عقاب أو نقص في العبد، فهذا سوء أدب من العبد، فالله سبحانه وتعالى هو العدل. 

الحيلة الرابعة: حيلة الاستغناء والتخفف  

يرى الكندي أن حزن الإنسان قد تكمن في رغبته في امتلاك الأشياء ومنها التي لا يحتاج إليها، مما يؤدي إلى زيادة الهم والحزن والقلق من فوات المحبوبات، وقارن الكندي بين الإنسان والحيوان، فالحيوان رغباته محدودة، وهو يعيش في سلام وسعادة، إذا لم يصبه الألآم، وذكر قصة نيرون امبراطور روما، “الذي أُهْدِي كرة عجيبة من البلور، فسرَّ بها نيرون كثيرًا، ومدحها الحاضرون من خاصته، وكان بينهم فيلسوف، فسأله نيرون عن رأيه في كرة البلور، فأجاب الفيلسوف بأنها تكشف عن مصيبة ستحدث للإمبراطور، فقال نيرون: كيف؟ فقال الفيلسوف: لأنك إن فقدتها، فلا أمل في أن تظفر بمثلها، وعندئذ ينالك الشقاء. ذهب نيرون في نزهة إلى جزيرة، ذات يوم، وأمر بوضع كرة البلور بين المتاع، فغرقتْ سفينة المتاع، ومعها كرة البلور، وكان ذلك سببًا لحزن نيرون”. (ص21). 

ما سبق هو من مبادئ علم النفس المعاصر، حيث يُعتبر الاكتناز اضطرابًا نفسيًا يتمثل في التعلق بالأشياء وما ينشأ عنه من قلق بشأن فقدانها. وإذا فقد الإنسان هذه الأشياء، فقد يشعر بالهم والحزن. وقد قدم الكندي بعدًا فلسفيًا يناقش فيه هذه الظاهرة مع إشارات دينية، مما يعد ابتكارًا سابقًا، حيث ذكر الدوافع وطرق العلاج بأسلوب يبرز مسؤولية الإنسان عن أفعاله. 

الحيلة الخامس: الموت حيلة كره الرديء 

كتب الكندي أن الموت هو حقيقة وتمام طباعنا، فلكل أجل كتاب، فالإنسان هو الحيّ الناطق المائت، فالموت هو جزء من طبيعتنا، وعليه فلا يجب الخوف منه، ولا اعتباره شراًن وإنما الشر هو الخوف من الموت، ونحن حين نتقبل هذه الحقيقة، لن نشعر بالحزن على فقدان الحياة. 

القسم الثالث: مراجعة الكتاب. 

الكلمات المفتاحية التي قد تميز الكتاب. 

الحيلة- الحزن- العقل- المحسوسات- المفقودات- المحبوبات- الإنسان- القنية- الجهل- الرديء.   

نقاط القوة والأهمية العلمية للكتاب. 

الرسالة على صغرها قوية، وفيها غاص الكندي في النفس البشرية، فبدأ بالدوافع والأسباب ثم شرع في العلاج، وفيه ما يعرف الآن بالعلاج السلوكي المعرفي، حتى يستطيع الإنسان أن يسأل نفسه بعد قراءته للرسالة، لماذا الحزن، وكيف يبرأ منه، ومن جميل ما أشار إليه أن الحزن وضع وليس طبع، فإذا تيقن الإنسان بهذا، علم أنه يستطيع تغيير هذا الشعور.  

نقاط الضعف. 

النفس الفلسفي فيه واضح، فمفردات الألفاظ في الرسالة فيها من الصعوبة، وعدم الاستدلال بالقرآن والسنة. 

الفئات التي قد تستفيد من الكتاب. 

أهل الاختصاص في علم النفس والفلسفة. 

 

الشعار :
المشاركة:

ملخص سريع

رسالة قوية غاص الكندي فيها في النفس البشرية، فبدأ بالدوافع والأسباب للحزن ثم شرع في العلاج، وفيه ما يعرف الآن بالعلاج السلوكي المعرفي، حتى يستطيع الإنسان أن يسأل نفسه بعد قراءته للرسالة، لماذا الحزن، وكيف يبرأ منه، ومن جميل ما أشار إليه أن الحزن وضع وليس طبع، فإذا تيقن الإنسان بهذا، علم أنه يستطيع تغيير هذا الشعور.

إسهامات الكاتب الأخرى

يحتوي الكتاب على نتائج تجارب حياتية عاشها ابن حزم، حيث قام بدراسة النفس البشرية بشكل معمق وتحليل دوافع

يمثل كتاب الإشارات الإلهية لأبي حيان التوحيدي تمازجًا بين الفلسفة والتصوف والأدب في سياق الحياة الفكرية والثقافية خلال

رسالة قوية غاص الكندي فيها في النفس البشرية، فبدأ بالدوافع والأسباب للحزن ثم شرع في العلاج، وفيه ما

الكتاب يعالج قضايا النفس والعقل والأخلاق من منظور إسلامي فلسفي، إذ يسعى المؤلف إلى تأصيل مكارم الشريعة التي

استكشف المجالات والشعارات

موضوعات ذات صلة

رسالة قوية غاص الكندي فيها في النفس البشرية، فبدأ بالدوافع والأسباب للحزن ثم شرع في العلاج، وفيه ما

رسالة قوية غاص الكندي فيها في النفس البشرية، فبدأ بالدوافع والأسباب للحزن ثم شرع في العلاج، وفيه ما

رسالة قوية غاص الكندي فيها في النفس البشرية، فبدأ بالدوافع والأسباب للحزن ثم شرع في العلاج، وفيه ما

مكتبة علم النفس الإسلامي

يحتوي الكتاب على نتائج تجارب حياتية عاشها ابن حزم، حيث قام بدراسة النفس البشرية بشكل معمق وتحليل دوافع

يمثل كتاب الإشارات الإلهية لأبي حيان التوحيدي تمازجًا بين الفلسفة والتصوف والأدب في سياق الحياة الفكرية والثقافية خلال

رسالة قوية غاص الكندي فيها في النفس البشرية، فبدأ بالدوافع والأسباب للحزن ثم شرع في العلاج، وفيه ما

الكتاب يعالج قضايا النفس والعقل والأخلاق من منظور إسلامي فلسفي، إذ يسعى المؤلف إلى تأصيل مكارم الشريعة التي

يمثل كتاب (النفس والروح وشرح قواهما) عملًا فكريًا رصينًا يجمع بين المقاربة الفلسفية والتحليل الشرعي المنضبط بمعايير الشريعة

"رسالة العقل" للفارابي هي عمل فلسفي يشرح مفهوم العقل بشكل مفصل، ويُقسّمه إلى أنواع متعددة تبدأ من القدرة

Scroll to Top