القسم الأول: التعريف بالكتاب
معلومات الكتاب الأساسية:
- العنوان: فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من اتصال
- المؤلف: أبو الوليد محمد ابن رشد
- المحقق: د. محمد عمارة
- سنة النشر / التحقيق: 1969م
- دار النشر: دار المعارف
- الطبعة: الثالثة
- عدد الصفحات: 104
- المجال: فلسفي ديني
- النوع: تأصيلي تحليلي
هدف الكتاب:
الهدف الرئيسي للكتاب: هو بيان اتصال الفلسفة بالشريعة، وتقديم المنهج الذي نصل عن طريقه إلى إثبات إخاء الحكمة (الفلسفة) للشريعة، وهذا الإخاء مبني على الإيمان.
الأهداف الفرعية:
نقاش ثلاث مسائل اختلف فيها الفلاسفة مع المتكلمين:
- هل العالم قديم أم محدث؟
- هل العلم الإلهي مُقتصر على الكليات فقط أم مُلم بالجزئيات؟
- هل المعاد مادي أم روحي؟
القسم الثاني: تلخيص الكتاب
تقديم عام للكتاب:
يتناول الكتاب أهمية تعلم الأدوات الفلسفية (التأويل، القياس، البرهان) لفهم بعض أمور الدين بشكل صحيح، خاصةً تلك المواضيع التي يظهر تعارض بين بعضها البعض، أو يظهر تعارض بينها وبين الحقائق المكتشفة بالبرهان. ويُبرز أن معرفة الأدوات الفلسفية واجبة على البعض، ولا تجوز لغيرهم. كما يردّ ابن رشد على أقوال بعض المتكلمين، خاصةً الغزالي، ويبيّن خطورة ذكر التأويل للعامة.
تلخيص مختصر لأبواب الكتاب:
المقدمة:
تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
-
- التعريف بابن رشد: هو أبو الوليد محمد بن رشد، من أشهر فلاسفة الإسلام، وأول من حاول التوفيق بين الحكمة (الفلسفة) والشريعة. كان من عائلة متصدرة علميًا وسياسيًا، برع في الطب والفقه والأدب وعلم الكلام، وعاصر المنصور أبي يوسف، وتعرض لمحنة ثم انقشعت.
- التعريف بكتاب فصل المقال وضميمة العلم الإلهي: يقدم ابن رشد منهجًا للتوفيق بين الفلسفة والشريعة، ويرى أن التأويل _بمعنى إخراج دلالة النص من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازية، بشرط جريانها على قواعد العرب_ هو السبيل للجمع بين ظواهر النصوص وما يخالفها من حقائق البرهان، بشرط أن يكون التأويل جاريًا على قواعد العرب. ويرى ابن رشد أن بعض المتكلمين كالغزالي قد عرف قواعد التأويل لكنه لم يطبقها بشكل صحيح، أثناء خلافه مع الفلاسفة.
- مراتب الناس في التصديق: يؤمن ابن رشد بوحدة الحقيقة، لكن تختلف طرق الوصول إليها باختلاف طباع الناس، وباختلاف ما يمكن للناس أن يعوه منها. ومن هذا الإيمان قسّم ابن رشد الناس إلى ثلاثة أقسام: :
- العام أو الجمهور: يحصل لهم اليقين عن طريق الأقوال الخطابية.
- أهل الجدل: يحصل لهم اليقين عن طريق الأقوال الجدلية.
- أهل البرهان: يحصل لهم اليقين عن طريق البرهان العقلي.
ويرى أن خطاب العامة يجب أن يقتصر على ما يناسبهم وهي الأقوال الخطابية، ولا يجوز أن يُعرض عليهم البرهان، أو ننتقل بهم إلى حقائقه، لأنهم لا يمتلكون أدواته، فيفسد عليهم هذا يقينهم.
- التعريف بطبعات وتحقيقات الكتاب.
باب حكم دراسة الفلسفة:
فعل الفلسفة هو النظر في الموجودات، واعتبارها من حيث دلالتها على الصانع سبحانه. والاعتبار هو استنباط المجهول من المعلوم، وهذا هو القياس. إذًا لا بد من تعلم القياس العقلي. وبما أن الله قد حث على معرفته سبحانه وموجوداته بالبرهان، فلابد من معرفة أنواع البراهين وشروطها، وبمَ يختلف بعضها عن بعض، كالقياس الجدلي والقياس البرهاني والقياس المغالط والقياس الخطابي.
وبما أننا نحتاج إلى القياس العقلي، فلا بد من معرفة أدواته وأنواعه. وفي هذا الشأن يستعين المتأخر بالمتقدم، ونستعين بالغير، ولا يضرنا إن كان هذا الغير مشاركًا لنا في الملة أم لا، لأنها أدوات فحسب. والأفضل أن نبحث في كتب الأقدمين، فإن وجدنا فيها هذه الأدوات وكانت صوابًا قبلناها، وإن لم تكن كذلك نبّهنا عليها.
وبعد امتلاك الأدوات نبدأ النظر في الموجودات، بالتدبر فيها واحدًا بعد واحد، ويستعين المتأخر بالمتقدم.
فإن وجدنا في كتب الأقدمين نظرًا واعتبارًا للموجودات بحسب شروط البرهان، وكان موافقًا للصواب عندنا، قبلناه، وإلا نبهنا عليه.
والواجب على من امتلك قوة النظر أن ينظر في كتب القدماء، إن كان ذا ذكاء فطري، وعدالة شرعية وعلمية وخُلقية.
شروط النظر:
وإذا كان بعض الناس قد ضلوا بسبب نظرهم، فلا يجعلنا ذلك نمنع الجميع من النظر، فمن كان أهلاً له وجب عليه.
الأفكار الفرعية المهمة التي يتضمنها:
مراتب الناس: دعت شريعتنا لمعرفة الله تعالى، وهذه المعرفة تتحصل للناس بطرق ثلاث، الطريقة الخطابية، وهي التي يتأثر بها عامة الناس، والطريقة الجدلية، وهي أرقى من الطريقة الخطابية، وتخص البعض، والطريقة البرهانية وهي الأعلى بينهم، وقليل من يمتلكها.
باب علاقة الحكمة بالشريعة:
- بما أن الشريعة حق، والبرهان لا يؤدي إلا إلى الحق، فلا تعارض بينهما. وإن ظهر تعارض، وجب التأويل وفق قواعد اللسان العربي.
- لا يجب إخراج كل الألفاظ عن حقيقتها، ولا حمل كل الألفاظ على التأويل.
- سبب ورود بعض الشرع على ظاهره وبعضه على التأويل، اختلاف نظر الناس وتباين قرائحهم بالتصديق.
- ورود التعارض بين بعض ظواهر النصوص، فيه تنبيه للراسخين بالعلم أن يلجؤوا للتأويل {هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ مِنۡهُ ءَایَـٰتࣱ مُّحۡكَمَـٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَـٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَـٰبِهَـٰتࣱۖ فَأَمَّا ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمۡ زَیۡغࣱ فَیَتَّبِعُونَ مَا تَشَـٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَاۤءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَاۤءَ تَأۡوِیلِهِۦۖ وَمَا یَعۡلَمُ تَأۡوِیلَهُۥۤ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّ ٰسِخُونَ فِی ٱلۡعِلۡمِ یَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلࣱّ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا یَذَّكَّرُ إِلَّاۤ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ} [سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: ٧]
- لا إجماع في النظريات بشكل يقيني، والإجماع لا يتحقق إلا في العمليات.
- ذكر التأويل لعموم الناس الذين لا يفهمونه، فيه فتنة عليهم؛ واجب العامة فهم الظاهر، وواجب أهل البرهان التأويل. جاء عن علي بن أبي طالب: “حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله”.
باب الغزالي والفلاسفة:
الفكرة الرئيسية: يقول البعض إن الغزالي كفّر الفارابي وابن سينا بسبب ثلاث مسائل:
- قِدَم العالم.
- العلم الإلهي: هل يشمل الجزئيات أم الكليات فقط؟
- وخرقهم الإجماع في تأويل حشر الأجساد.
ويرى ابن رشد أن الغزالي لم يقطع بتكفيرهم، ولا يوجد إجماع على ذلك.
الأفكار الفرعية:
- في مسألة العلم الإلهي: أخطأ الغزالي في فهمه لموقف الحكماء المشائين عندما زعم أنهم ينفون علم الله بالجزئيات، بل إنهم يُثبتون له علمًا بها لكن بطريقة تختلف عن علم البشر. فلفظ «العلم» حين يُطلق على العلم البشري والعلم الإلهي يكون اشتراكًا لفظيًّا (لا معنويًّا)، إذ يختلف المضمون جذريًّا.
والدليل على ذلك أن المشائين يُفسرون الأحلامَ بأنها إنذارات إلهية عن جزئيات مستقبلية، مما يُثبت اعترافهم بعلم الله بالجزئيات، لكن بطريقة لا تشبه علم المخلوقات.” - في مسألة قِدَم العالم، يبيّن ابن رشد أن”الخلاف بين الأشاعرة والحكماء في مسألة العالم (قدمه أو حدوثه) هو خلاف لفظي في الجوهر، إذ يتفقون على تقسيم الوجود إلى ثلاثة أقسام:
– شيء موجود عن شيء غيره، ومن شيء غيره، وهذا هو الأشياء المحسوسة.
– شيء موجود لم يكن عن شيء، ولا تقدمه شيء وهو مدرك بالبرهان، وهذا هو الله تعالى.
– وشي بينهما لم يكن من شيء ولم يتقدمه زمان، ولكن موجود عن شيء وهو العالم.
أما عن الزمن، فبينما يرى أفلاطون والمتكلمون أن الماضي متناهٍ، يرى أرسطو أنه غير متناه، لكنهم يتفقون على تناهي المستقبل.
هذه الآراء قد لا تتطابق مع ظاهر النصوص الشرعية التي تُصرح بحدوث العالم، كقوله تعالى: {هُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامࣲ} [الحديد: ٤]. ويقتضي أن هناك وجود بعد هذا الوجود {یَوۡمَ تُبَدَّلُ ٱلۡأَرۡضُ غَیۡرَ ٱلۡأَرۡضِ} [إبراهيم: ٤٨].
باب الظاهر والباطن:
- قد يخطئ العلماء في تأويل بعض الأشياء العويصة، وهم في هذا لا يؤاخذون؛ أما أصناف الناس الذين ليسوا أهلًا للبرهان فإنهم آثمون إن أخطؤوا.
- شروط الاجتهاد: معرفة الأصول، معرفة الاستنباط من تلك الأصول، معرفة الأوائل العقلية وطرق الاستنباط منها.
الأفكار الفرعية:
الخطأ في الشرع نوعين:
- نوع يعذر أصحابه، وهم العلماء أهل البرهان.
- نوع لا يعذر أصحابه وهم العامة، فإن وقع هذا الخطأ بالأصول يكون كفرًا، وإن وقع بالفروع كان بدعة.
الأشياء التي لا تُعرف إلا بالبرهان، ضرب الله أمثالًا لها ودعا عامة الناس للتصديق بتلك الأمثال، لذلك ينقسم الشرع الى:
- ظاهر: هو الأمثال التي ضُربت للمعاني.
- باطن: تلك المعاني التي لا تظهر إلا لأهل البرهان.
- يوجد أيضًا ظاهر يجب على أهل البرهان تأويله، وحملهم إياه على ظاهره كفر.
- وهناك قسم ثالث اختلف فيه أهل النظر، عدّه البعض ظاهر لا يجوز تأويله، وعدّه البعض باطنًا لا يجوز حمله على ظاهره.
المعاد:
وهو من القسم الذي اختُلف فيه، يعني اختلف بصفة المعاد وليس بوجوده، يكون المخطئ فيه مأجورًا إن كان من أهل البرهان، أما من ليس من أهل العلم، وجب عليه حملها على ظاهرها، وإن إثبات البرهان في كتب العامة، يمكن أن يؤدي إلى كفرهم، كما فعل أبو حامد الغزالي.
باب مقصود الشرع:
الفكرة الرئيسة: إن مقصود الشرع هو تعليم العلم الحق والعمل الحق.
– العلم الحق هو معرفة الله ومآلات الموجودات والسعادة والشقاء الأخروي.
– أما العمل الحق فهو الذي يؤدي إلى تلك السعادة.
الأفكار الفرعية:
- الناس يختلفون في طرق التصديق:هناك الطرق البرهانية، الخطابية، الجدلية.
وطرق التصور اثنتان: تصور الشيء بنفسه، تصور أمثاله. - مراتب الناس: (صنف ليس من أهل التأويل، صنف من أهل التأويل الجدلي، صنف من أهل التأويل اليقيني).
إن التأويل يجب أن يصرح به فقط لأهل البرهان، أما إذا صرح به لأهل الجدل أو الخطابين، فإنه قد يؤدي إلى الكفر إن كان في أصول الشريعة، لأنه يبطل عندهم الظاهر، وبنفس الوقت لا يملكون الأدوات كي يفهموا تأويله.
الشارع يطلب العلم الشرعي والعمل الشرعي لتحقيق الصحة النفسية، والتي يطلق عليها شرعًا التقوى، وهي التي تؤدي إلى السعادة الأخروية، وعلى ضدها الشقاء الأخرى
باب الفرق الإسلامية والتأويل:
من باب التأويلات والظن أنه يجب أن يصرح بها للعامة ظهرت الفرق الإسلامية، مثل الأشاعرة والمعتزلة.
لكن الأشاعرة مثلًا عندهم الكثير من الأخطاء كإنكارهم الأعراض وعدم ربطهم بين السبب والمسبب، وإنكار تأثير الأشياء بعضها ببعض والجوهر. وإن الطرق التي سلكوها في تأويلاتهم لا تصلح مع العوام ولا مع أهل العلم، ليست دقيقة بما يناسب أهل العلم ولا يمكن للجمهور أن يفهمها.
الفكرة الفرعية: طرق التعليم الشرعية هي: الطرق التي وردت في القرآن الكريم والتي تؤدي إلى السعادة الأخروية وتتميز بثلاثة خواص: (لا يوجد أتم إقناعا للجمهور منها، أنها تقبل النصر بنفسها، تتضمن تنبيه لأهل التأويل على التأويل الحق).
بينما طرق الأشاعرة والمعتزلة لا تحقق أيا من هذه الخواص
القسم الثالث: مراجعة الكتاب
الكلمات المفتاحية:
التأويل، البرهان، الحكمة، الجمهور، العلم.
نقاط القوة والأهمية العلمية:
- في هذا الزمن الذي كثُر فيه الاطلاع والتأثر بما عند أصحاب الثقافات الأخرى، لابد من توجيهٍ يضع النقاط على الحروف، من حيث ما نأخذ من الآخرين وما ندع، ومن حيث طريقة الأخذ، وأيضًا لابد من التأكد من فهم ما عند الآخرين بشكل صحيح قبل أن نحكم عليه، وأن نُديم استحضار مبادئ ديننا وأساسياته، في هذا الحكم، وكل هذا يركز عليه الكتاب.
- إعادة تعريف الفلسفة، ومهمتها.
- التأكيد على غايتنا الأولى والأعظم: معرفة الله تعالى، السعادة الأخروية.
- التركيز على فكرة تحديث الناس بما يمكن أن يُحدِث لهم التصديق، وأن تحديثهم بما يفوق طاقاتهم، قد يعرضهم للكفر والتشتيت.
نقاط الضعف:
- تكرار بعض الأفكار مما سبب بعض التشويش.
- ترتيب الأفكار لم يكن بشكل عام سلسًا.
الفئات التي قد تستفيد من الكتاب:
- العلماء والمختصون في المجالات ذات البعُد الديني والبُعد الدنيوي معًا، مثل مختصو التربية وعلم النفس، وعلم الاجتماع، خاصة منهم صانعي المحتوى، لأنه يُعرَض أمام مئات الآلاف من الجمهور، والذين في غالبهم خطابيين، وقد لا يفهمون الكثير مما يُقال في العلم، وضرورة عرض ذلك بأسلوب ومصطلحات يفهمها الجمهور، وبتدرّج واضح سلس.
- العامة لتمييز مَن يؤخذ عنه العلم، خاصة مع اشتهار الذين يؤلون الأحكام الشرعية والقرآن الكريم، بما يتناسب مع الثقافة والقيم الغربية، والمزاج العام.