القسم الأول: التعريف بالكتاب.
معلومات الكتاب الأساسية:
- العنوان: تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين
- المؤلف: الإمام أبي القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الراغب الأصفهاني
- المحقق: د. محمد يوسف موسى
- سنة النشر/ التحقيق: 1983م
- دار النشر، رقم الطبعة: دار مكتبة الحياة،
- عدد الصفحات: 126
- المجال: ديني فلسفي
هدف الكتاب:
الهدف الرئيسي للكتاب:
بيان حقيقة النشأتين – النشأة الأولى في الدنيا والنشأة الثانية في الآخرة- وعلاقتهما بتحقيق السعادتين: السعادة الدنيوية والسعادة الأخروية، وذلك من خلال دعوة الإنسان إلى معرفة نفسه وتزكيتها، والسعي نحو تحقيق الكمال الإنساني وِفق المنهج الإسلامي الذي يجمع بين الهداية الإلهية والعمل الصالح.
الأهداف الفرعية :
1/ مفهوم النشأتين والسعادتين: يركز على الفرق بين الحياة الدنيا (النشأة الأولى) والحياة الآخرة (النشأة الثانية)، وأن السعادة الحقيقية تتحقق بفهم طبيعة كل منهما والسعي لتحقيق التوازن بينهما.
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الواقعة: 62]
وقال تعالى: ﴿ثُمَّ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ﴾ [العنكبوت: 20]
2/ بيان أهمية معرفة الإنسان لنفسه ومكانته في الكون: أن الإنسان مزيج من القوى المختلفة (العقل، الهوى، الروح، الجسد)، مما يجعله كائنًا متكاملًا يتفاعل مع العالم. قال تعالى: ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات: 21]، مما يدل على أهمية التأمل في النفس لفهم طبيعة الوجود.
3/ تحقيق التوازن بين العقل، الهوى، والغضب: وذلك يتطلب ضبط القوى الداخلية لتحقيق الاستقرار النفسي والسعادة. فالعقل هو القائد نحو الخير، والغضب جندي يحتاج إلى ضبط، والهوى محرك للرغبات ويحتاج إلى توجيه.
قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ﴾ [النازعات: 40-41]
4/ تفسير العلاقة بين النفس والجسد والروح: يشرح الكتاب كيف أن الإنسان ليس مجرد جسد مادي، بل هو روح ونفس تتفاعل مع العالم المادي والروحي، مما يجعله كائنًا فريدًا قادرًا على السمو أو الانحطاط.
قال تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [الحجر: 29]، مما يدل على ارتباط النفس بالروح الإلهية.
5/ السعادة الحقيقية مرتبطة بتزكية النفس: يوضح الكتاب أن السعادة الحقيقية ليست في الشهوات والمتع الدنيوية، وإنما في تزكية النفس والتحلي بالأخلاق الفاضلة.
قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾ [الشمس: 9-10]
6/ الإنسان كعالم صغير يعكس تركيب الكون الكبير: يرى الراغب الأصفهاني أن الإنسان يعكس في نفسه جميع عناصر العالم (المادية والروحية)، مما يجعله مخلوقًا متميزًا قادرًا على التأمل والفهم.
قال تعالى: ﴿وَمَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان: 28]، مما يشير إلى الترابط بين الإنسان والعالم.
7/ الإنسان مكرم ومختار للخلافة في الأرض: يوضح الكتاب أن الإنسان ليس مجرد مخلوق عادي، بل هو مخلوق مكرم ومختار ليكون خليفة الله في الأرض، مما يضع عليه مسؤولية عظيمة في تحقيق العدل والاستقامة.
قال تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: 30]
القسم الثاني: تلخيص الكتاب
تقديم عام للكتاب:
كتاب “تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين” للإمام أبي القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الراغب الأصفهاني، هو عمل فلسفي وديني ، يتناول موضوعات تتعلق بخلق الإنسان، وطبيعته، وعلاقته بالكون، وكيفية تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة
الكتاب مقسم إلى ثلاثة وثلاثين بابًا، يتناول فيها المؤلف تفصيلًا للنشأتين المذكورتين في القرآن الكريم: النشأة الأولى (الحياة الدنيا) والنشأة الآخرة (الحياة بعد الموت).
يبدأ الكتاب بمناقشة أهمية معرفة الإنسان لذاته، وكيف أن معرفة النفس هي مفتاح لفهم الكون والوصول إلى معرفة الله. ثم يتطرق إلى أصل خلق الإنسان، والعناصر التي يتكون منها، والقوى التي جمعت فيه، وكيفية تطوره من مرحلة الجماد إلى مرحلة الإنسان الكامل.
كما يشرح الكتاب أيضًا كيفية تحقيق السعادة من خلال التزام الإنسان بالشرع والعقل، وكيف أن العبادة والتزكية النفسية هي الطريق لتطهير النفس من الأمراض والنجاسات التي تعيقها عن الوصول إلى السعادة الحقيقية. كما يتناول الكتاب موضوعات مثل تفاوت الناس، وسبب تفاوتهم، وكيفية إصلاح النفس، وأهمية الشرع في حياة الإنسان.
ويختتم الكتاب بمناقشة موضوع الموت والمعاد، وكيف أن الموت هو بوابة للانتقال إلى الحياة الأبدية، وكيف أن الإنسان يمكن أن يصل إلى مرحلة يكون فيها أفضل من الملائكة إذا حقق الكمال الإنساني من خلال التزامه بالشرع والعقل.
تلخيص مختصر لأبواب الكتاب/ أو مواضيعه:
الباب الأول: في معرفة الإنسان نفسه.
الفكرة الرئيسية: معرفة الإنسان لنفسه هي المفتاح لمعرفة الله والعالم، وهي وسيلة لإدراك الحقائق، ومجاهدة الهوى، وتحقيق التوازن بين الروح والجسد، مما يساعد الإنسان على حسن إدارة ذاته والعالم من حوله.
الأفكار الفرعية:
- معرفة النفس تقود إلى معرفة الله، سواءً بشكل مباشر أو عبر وسائط، قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ [فصلت: 53].
- النفس تحتوي على قوى متضادة (الهوى والعقل)، قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ﴾ [الجاثية: 23]، وقال الرسول ﷺ: “اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي”.
- معرفة النفس تقود إلى معرفة العالم والموجودات، قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ﴾ [الروم: 8].
- النفس مرآة تعكس حقائق الخلق، ومن عرفها عرف الكون، قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ [فصلت: 53].
- معرفة النفس تكشف عن عيوب الإنسان وتعينه على جهادها، كما في دعاء النبي ﷺ: “اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي”.
- معرفة النفس تمنع الإعجاب بالذات والانشغال بعيوب الآخرين.
- معرفة النفس وسيلة لحسن إدارة الذات والعالم، قال تعالى: ﴿وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النمل: 62].
- من جهل نفسه جهل ربه، ومن عرفها عرفه، قال تعالى: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ﴾ [الحشر: 19]، مما يشير إلى أن الجهل بالنفس يؤدي إلى الجهل بالرب، والعكس صحيح.
الباب الثاني: في ذكر أجناس الموجودات وموضع الانسان منها
الفكرة الرئيسية: تعريف الإنسان ومكانته في الكون بالنسبة للموجودات الأخرى
الأفكار الفرعية:
- الله هو المسبب الأول لكل موجود وهو الذي لا يحتاج إلى سبب لوجوده.
- الموجودات تنقسم إلى نوعين: المعقولات العلوية مثل (العقل الكوني والروح)، والمحسوسات السفلية مثل (الكائنات المادية التي نراها) وبدأ الخلق بالمعقولات العلوية القلم ثم اللوح المحفوظ، دليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “أول ما خلق الله تعالى القلم ثم اللوح”.
- الإنسان نوعان: الأول هو آدم أبو البشر الذي خلقه الله بيديه: ﴿مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: 75]، وعلمه الأسماء كلها: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة: 31]. الثاني هو بنو آدم، الذين خلقهم الله أيضًا، لكن بتدخل الأبوين (جسمانيًا) والملائكة (روحانيًا) في عملية إنشائهم وتربيتهم وتعليمهم.
- الكمال وعدم الفساد في المبدعات العلوية، لكن الأشياء المادية معرضة للنقص بسبب تركيبها كالإنسان والحيوانات والنباتات.
الباب الثالث: في ذكر العناصر التي منها أوجد الإنسان.
الفكرة الرئيسية: الإنسان يمر بمراحل تطور من حالة بدائية (تراب، نبات، حيوان) إلى إنسان كامل يتميز بالعقل، ويتأثر بقوتين: الشهوة التي تدفعه نحو الملذات الجسدية، والعقل الذي يوجهه نحو الأفعال النبيلة.
الأفكار الفرعية:
- قوة الشهوة تدفع الإنسان نحو الملذات الجسدية العاجلة كالطعام، والشراب، والشهوات ،وارتباطها بالغرائز.
- قوة العقل توجه الإنسان نحو الأفعال النبيلة، والتمييز بين الخير والشر.
- الصراع بين الشهوة والعقل: النفس البشرية تتأرجح بين اتباع الشهوة (الملذات الجسدية) واتباع العقل (الأفعال النبيلة) وتحقيق الكمال يتطلب مجاهدة النفس، فالجنة محفوفة بالمكاره، والنار بالشهوات.
- دور النفس: النفس لها نظران: نظر إلى فوق (نحو العقل والمعرفة)، ونظر إلى تحت (نحو الهوى والشهوات). فإذا كانت النفس شريفة، فإنها تركز على العقل وتتبع المحاسن، أما إذا كانت دنيئة، فإنها تميل إلى الشهوات وتنسى الحقائق.
الباب الرابع: في ذكر قوى الأشياء التي جمعت في الانسان.
الفكرة الرئيسية: يجمع الإنسان قوى من العالم الطبيعي، فيشبه الجمادات في تركيبه، والنباتات في نموه، والحيوانات في إدراكه، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ﴾ [الإنسان: 2]. ويمتاز بالعقل والتفكير، مما يجعله كائنًا ماديًا وروحيًا قادرًا على التفاعل مع الطبيعة.
الأفكار الفرعية:
- الإنسان ليس مستقلًا عن العالم بل جزء منه ويتكون من عناصره يحمل في ذاته الحرارة، البرودة، الرطوبة، واليبوسة، مما يربطه بالعالم المادي، يتأثر بالطبيعة ويؤثر.
- الإنسان يجمع بين صفات الكائنات العاقلة وغير العاقلة. يشبه السباع في الغضب، الشياطين في الإغواء، والملائكة في العبادة والمعرفة.
- الإنسان يحمل في ذاته خصائص تميزه عن غيره من المخلوقات يحمل في ذاته قدرات فكرية تجعله قادرا على الإبداع والتأثير.
الباب الخامس: في تكوين الانسان شيئًا فشيئًا حتى يصير إنسانًا كاملًا.
الفكرة الرئيسية: تطور الإنسان عبر مراحل متعددة، بدءًا من عناصر ميتة (كالتراب، والطين)، مرورًا بالنماء النباتي والحيواني، وصولًا إلى اكتماله كإنسان يمتلك العقل الذي يميّزه عن باقي الكائنات.
الأفكار الفرعية:
- الإنسان لا يولد كاملًا بل يمر بمراحل تكوين: تبدأ من الجماد (التراب والطين)، ثم النبات (النطفة والعلقة والمضغة)، ثم الحيوان (الغرائز)، وأخيرًا الإنسان الكامل (المتميز بالعقل).
- وجود الجانب المادي في الإنسان الذي يبدأ من التراب ويصل إلى مرحلة الجسد الكامل عبر مراحل النمو (النطفة، العلقة، المضغة).
- وجود الجانب المعنوي (العقل والروح): يتمثل في القوى العقلية والمعنوية التي تميز الإنسان، مثل القدرة على التفكير، التمييز بين الخير والشر، والتخيل.
- العقل، النفس، والصراع الداخلي : العقل هو الموجه نحو الخير، والنفس هي ساحة الصراع بين العقل والهوى. نجاح الإنسان في حياته يعتمد على قدرته على مجاهدة نفسه والانتصار لقوة العقل على قوة الشهوة.
الباب السادس: في ظهور الإنسان في شعار الموجودات وتخصيصه بقوة شيء فشيء منها.
في هذا الباب يناقش ظهور الإنسان في صور مختلفة بناءً على القوى التي يتكون منها، فيظهر أحيانًا في صورة الجمادات مثل الكسل، أو في صورة النباتات مثل الشجرة الطيبة أو الخبيثة، أو في صورة الحيوانات مثل النحل أو الخنزير أو الذئب، كما يظهر في صورة الشياطين في الغواية والضلال، ولا يصل الإنسان إلى كماله إلا عندما يستخدم عقله المستنير بنور الشرع ليضع كل قوة في موضعها الصحيح.
الباب السابع: الفكرة في ماهية الإنسان.
الفكرة الرئيسية: ماهية الإنسان تتحدد بصورته البدنية والروحية، فهو ليس مجرد كائن مادي، بل يمتلك عقلًا وفكرًا يجعله متميزًا عن غيره من الكائنات، وتتفاوت إنسانيته بمدى إدراكه للحق وعمله به.
الأفكار الفرعية:
- ثنائية الجسد والروح: الإنسان مكون من جزئين الجسد: ويتميز بصفات محسوسة مثل القامة المنتصبة، شكل الظفر، تعري البشرة من الشعر ، و الروح : ويتميز بصفات عقلية مثل التفكير، التأمل، العقل، المعرفة.
- الإنسان نوعان: عام، وهو كل من يحمل الصفات البشرية، وخاص، وهو من يدرك الحق والخير ويعمل بهما، ويتفاوت الناس في إنسانيتهم بقدر تحققهم في المعرفة والعمل الصالح.
- الإنسان بعقله يميز الحق من الباطل، فإن استخدمه ارتقى، وإن عطله ضل وفقد إنسانيته، كما قال تعالى: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 171].
- الإنسان ليس فقط كائنًا بيولوجيًا، بل هو كائن مسؤول عن أفعاله؛ في الخير أو في الشركما قال تعالى: ﴿لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا﴾ [يس: 70].
الباب الثامن: في كون الإنسان مستصلحًا للدارين.
خلق الله الإنسان ككائن يجمع بين صفات الحيوانات (الشهوات البدنية) وصفات الملائكة (العقل والعبادة)، مما يجعله قادرًا على العيش في الدنيا لعمارة الأرض والاستعداد للآخرة بالعبادة. ولو خلق كالحيوانات (بدون عقل)، لما استطاع عبادة الله، ولو خلق كالملائكة (بدون حاجات بدنية)، لما استطاع عمارة الأرض.
هذا التكوين المزدوج يدل على حكمة الله، وأن الإنسان لم يُخلق عبثًا، بل ليعبد الله ويعمر الأرض، ويحقق التوازن بين الدنيا والآخرة.
الباب التاسع: في تمثيل ذات الإنسان وتصويره.
يشبه الإمام الأصبهاني رحمه الله الإنسان بمدينة محكمة التنظيم، يحكمها العقل كما يحكم الوالي مدينته. فالعقل هو الملك المدبر، والقوى النفسية والجسدية مثل الوزير، والكاتب، والخازن، والحواس الخمس، والقوة الشهوانية، والغضبية.
إذا حكم العقل بحكمة واستنار بالشرع، استقامت النفس وتحققت السكينة. لكن هناك صراع دائم بين العقل والشهوة والغضب، مثل مسافر محاط برفقاء سيئين: أحدهم مخادع، والآخر عنيف، والثالث شهواني. الحل هو تحقيق التوازن، بحيث يسيطر العقل ويوجه الغضب لكبح الشهوة، حتى يصل الإنسان إلى السلام النفسي.
الباب العاشر: الإنسان هو المقصود من العالم.
يشير المؤلف رحمه الله إلى أن الغاية من خلق العالم هي وجود الإنسان، حيث خُلق كل شيء ليصل في النهاية إلى الإنسان، ثم إلى الأرواح الناطقة، ثم إلى تحقيق الخلافة في الأرض. فقد كرم الله الإنسان، لا لقوته الجسدية أو عمره الطويل، بل بالعقل والروح التي نفخها الله فيه،كما في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [الحجر: 29].
– الملائكة أدركوا هذا المعنى فسجدوا لآدم، بينما إبليس نظر إلى أصله المادي فتكبر ورفض السجود، وهو نفس منهج الكفار الذين ينكرون فضل الأنبياء بناءً على ظاهرهم. الإنسان الحقيقي هو من يدرك هذه الكرامة ويسعى لتحقيقها، فذلك هو الفضل العظيم الذي لا يدركه إلا أصحاب العقول الراجحة.
الباب الحادي عشر: في الغرض الذي لأجله اوجد الانسان ومنازلهم.
الفكرة الرئيسية: خلق الله الإنسان لعبادته كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وخلافته في الأرض. وسخر له كل شيء لتحقيق هذه الغاية، مع تفاوت البشر بين الطاعة والمعصية.
الأفكار الفرعية:
- أنواع أفعال الله: (الإبداع) : خلق الأشياء من العدم، مثل خلق السماوات والأرض. (التحولات) : تدبير الله للأشياء تدريجيًا عبر الملائكة، مثل حركة الكواكب، نزول المطر، ونمو الجنين. (التسخير الطبيعي) : تسخير العناصر لخدمة الإنسان، مثل احتراق النار وإذابة المعادن. (الصناعات) : الأعمال التي خُص بها الإنسان، مثل الزراعة، البناء، والكتابة.
- تصنيف البشر: المطيعون: يلتزمون بعبادة الله، كما في قوله: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان: 63]. (العصاة): ابتعدوا عن هدفهم وعبدوا الطاغوت. (المترددون): يمزجون بين العمل الصالح والسيئ، كما في قوله: ﴿خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾ [التوبة: 102]. (تحقيق مشيئة الله دون قصد): مثل فرعون الذي ربّى موسى، وإخوة يوسف الذين تسببوا في تمكينه. (تسخير الكون للإنسان): ليستفيد منه في الغذاء، الدواء، التعلم من الحيوانات، مثل النحل في الاجتهاد والكلب في الوفاء.
الباب الثاني عشر:
في تفاوت الناس واختلافهم، وفي هذا الباب يذكر المؤلف رحمه الله أن الكون مخلوق بحكمة الله، وأن الاختلاف بين البشر مقصود لتحقيق التعاون وتقسيم الأدوار، ويشير إلى أن الإنسان لا يستطيع العيش بمفرده، لذا جعل الله لكل فرد مهارات مختلفة لتسهيل الحياة وأن هذا الاختلاف جزء من اختبار الله، كما في قوله: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [هود: 118].ويختتم بأن تباين الناس مصدر للخير، كما قال النبي ﷺ: “لا يزال الناس بخير ما تباينوا، فإذا تساووا هلكوا”.
الباب الثالث عشر: في سبب تفاوت الناس .
يعود تفاوت الناس إلى سبعة أسباب: (1/ اختلاف الأمزجة والخلقة، 2/ وتأثير صلاح الوالدين، 3/ وطبيعة النطفة ودم الطمث، 4/ وجودة الرضاعة والطعام، 5/ والتربية والتأديب، 6/ وتأثير الصحبة والمخالطة، 7/ الاجتهاد في تزكية النفس بالعلم والعمل).
والفاضل هو من تجتمع له هذه الأسباب بشكل إيجابي، بينما الرذيل هو من يكون عكس ذلك. فالإنسان يتأثر بكل ما يحيط به، ومن صلحت فطرته انتفع بكل شيء، ومن خبثت فطرته استضر حتى بالخير.
الباب الرابع عشر: في بيان الشجرة النبوية وفضلها على جوهر سائر البرية.
الفكرة الرئيسية: بيان فضل الأنبياء ومكانتهم الخاصة بين البشر والملائكة، ودورهم في تزكية الناس وتعليمهم.
الأفكار الفرعية:
- الأنبياء يجمعون بين صفات البشر والملائكة.
- النبوة كانت في ذرية إبراهيم ونوح: ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ [العنكبوت: 27].
- الأنبياء يمتلكون قدرات روحانية خاصة تمكنهم من التواصل مع الملائكة.
- الأنبياء هم وسيلة لتزكية الناس وتعليمهم.
- الأنبياء يشبهون الشمس التي تنير القمر، حيث أن علومهم تفوق علوم أممهم.
الباب الخامس عشر: في هداية الأشياء إلى مصالحها .
الفكرة الرئيسية: هداية الله لجميع المخلوقات لما فيه مصلحتها، وتمييز الإنسان بالعقل والتفكير عن باقي الكائنات.
الأفكار الفرعية:
- هداية الجمادات بالتسخير، مثل انجذاب الأرض نحو الأسفل وصعود النار إلى الأعلى.
- هداية الحيوانات بالإلهام، مثل بناء النحل لخلاياه وصناعة العسل.
- هداية الملائكة بالعقل الضروري والتسخير والإلهام.
- قدرة الإنسان على التكيف والابتكار بفضل عقله وفكره في داخل بيئته، وليس كالحيوانات تبقى محكومة بغرائزها وطبيعتها الثابتة.
الباب السادس عشر: في سعادة الإنسان ونزوعه إليها.
يذكر المؤلف أن كل مخلوق يسعى إلى كماله بطبيعته، والإنسان ينزع إلى السعادة، التي تنقسم إلى دنيوية زائلة وأخروية دائمة فالنعم الدنيوية تصبح سعادة حقيقية إذا استُخدمت وفق ما شرعه الله، أما إذا تعلّق بها الإنسان دون اعتبار للآخرة، فإنها تكون غرورًا وعذابًا، وأما السعادات الأخروية لا يمكن تصور حقيقتها في الدنيا: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ [السجدة: 17].
وقد شبّهها الله بأنواع النعيم المألوف تقريبًا للأذهان. والسبيل إلى إدراكها يكون إما بالموت، أو بتطهير النفس من الأمراض المعنوية، كما جاء في الحديث القدسي: “أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.”
الباب السابع عشر: في حالة الإنسان في دنياه وما يحتاج أن يتزود منها.
الفكرة الرئيسية: الإنسان في حياته الدنيا يجب أن يوازن بين سعيه لتحقيق احتياجاته المادية والروحية. يجب أن يسعى للزود بالزاد الروحي الذي يعينه على الآخرة، بينما يستخدم الأمور المادية فقط بما يساعده في تحقيق هذا الهدف.
الأفكار الفرعية:
- حياة الإنسان تمر بأربع مراحل: من ظهر أبيه وبطن أمه إلى ظهر الأرض وأخيرًا الموقف في الآخرة، ويجب عليه التزود في كل مرحلة عند حصول الإرادة والتكليف قال الله تعالى﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ﴾ [سورة الأنعام: ٩٨].
- نوعا الزاد: الزاد الروحي الذي يؤدي إلى السعادة الأبدية، والزاد المادي الذي يعين في الدنيا فقط. قال تعالى:﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ﴾ [آل عمران: 14]
- الحذر من التعلق بالدنيا : فهي رحلة مؤقته فالهدف الحقيقي هو الزاد للآخرة قال النبيﷺ:”ما أنا والدنيا إنما مثلي فيها مثل راكب سار في يوم صائف فرفعت له شجرة فنزل فقام في ظلها ساعة ثم راح وتركها”.
الباب الثامن عشر: تظاهر العقل والشرع وافتقار أحدهما إلى الآخر.
الفكرة الرئيسية: العقل والشرع متكاملان ويحتاج كل منهما إلى الآخر. العقل لا يهتدي إلا بالشرع، والشرع لا يتبين إلا بالعقل. فكلاهما ضروري للإنسان في تحصيل المعرفة واتباع الحق.
الأفكار الفرعية:
- التكامل بين العقل والشرع: العقل والشرع متكاملان، حيث لا يمكن للعقل أن يهتدي دون الشرع، ولا يمكن للشرع أن يتبين دون العقل، كما أن العقل يحتاج إلى الشرع لتوضيح التفاصيل.
- العقل يقتصر على الكليات: العقل محدود في معرفة الكليات، بينما الشرع يوضح الجزئيات التي لا يستطيع العقل الوصول إليها، مثل المحرمات والتفاصيل الدقيقة، قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: 15].
- العقل بحاجة إلى عقل خارج وهو الشرع الذي يساعد الإنسان في تصحيح مساراته، وعند غيابه يعجز العقل عن الوصول إلى الحق قال تعالى: ﴿نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ﴾ [النور: 35].
الباب التاسع عشر: في فضيلة الشرع.
يوضح المؤلف رحمه أن الشرع نورٌ وهدىً وشفاءٌ للنفوس، ووسيلة للتقرب إلى الله، وطريق مستقيم يؤدي إلى السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة. فهو دواءٌ يحيي القلوب وشفاء يزيل الأوجاع النفسية، كما قال الله:﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ [فصلت: 44]، ونور يهدي إلى السلام، كما قال: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ [المائدة: 15]، وهذا الشرع يتجسد عمليًّا في رمزية الأرض المقدسة، حيث تشير إلى الشريعة في الدنيا والجنة في الآخرة، فاتباع الشرع (دخول الأرض المقدسة) يعني تحقيق السعادة الكبرى، كما أن السفر الموعود بالغنيمة هو اتباع الشرع للوصول إلى الآخرة، كما قال النبي ﷺ: ( سافروا تغنموا) .
الشرع منهج رباني يضمن حياة طيبة في الدنيا وسعادة أبدية في الآخرة، وهو طريق مستقيم لا عوج فيه.
الباب العشرون: في أن من لم يتخصص بالشرع وعبادة الله فليس بإنسان.
جوهر الإنسانية يكمن في العقل، الذي لا يكتمل إلا بالاهتداء بالشرع والعبادة، وهي الغاية من خلق الإنسان. فالإنسان الحقيقي هو من يعبد الله، بينما الكفار، الذين لم يهتدوا بالشرع، نُفي عنهم العقل، وصاروا كالأنعام أو أضل.
تسمية الكفار بـ “إنسان” هي مجازية، لأن الإنسانية الحقيقية تتجاوز المظهر إلى الجوهر، وهو العبادة. وهذا يشبه تسمية من يملك المال “غنيًا”، بينما الغنى الحقيقي هو غنى النفس. فالإنسان الحقيقي هو من يستخدم عقله وبيانه في الحق، ومن لا يفعل ذلك، فهو كالحيوان الذي لا يعقل ولا يبين.
الباب الحادي والعشرون: فيما يتعلق بالشرع من الأفعال.
للإنسان أحوال لا تكليف فيها، كالضروريات (مثل التنفس) والسهو والخطأ، وهي معفو عنها، وأحوال يكلف فيها، تشمل أفعال الجوارح (كالمشي والقعود)، وعوارض النفس (كالشهوة والغضب)، والتمييز والعلم (فهم الحق والعمل به)، وكل فعل، حتى المباح، يمكن أن يكون عبادة إذا تم وفق حكم الله، كإطعام الزوجة أو الغرس، حيث يُؤجر عليه.
– مراعاة أمر الله في كل شيء مستحب لجميع المسلمين، وهو واجب على النبي ﷺ،﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ﴾ [هود: 112]، وعلى من يقترب منزلته من الصالحين والعلماء
– العمل الصالح، حتى في الأمور البسيطة، يصير عبادة إذا نوى به الخير واتبع الشرع.
الباب الثاني والعشرون: في تحقيق العبادة.
– العبادة هي فعل اختياري ينافي الشهوات البدنية، يصدر عن نية التقرب إلى الله، وفق الشريعة، وهي تشمل حتى الأفعال المباحة إذا نوى بها العبد طاعة الله، مثل الأكل والشرب، حيث قال النبي ﷺ: “إنك لتؤجر في كل شيء حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك”. ولا تدخل الأفعال القهرية أو التسخيرية في العبادة، كالتنفس أو نبض القلب، كما أن الترك الاختياري يعتبر فعلًا إذا كان بقصد التقرب إلى الله، مثل ترك الغيبة أو الكذب.
العبادة لا تصح إلا بنية خالصة لله، ولو صدرت عن رياء أو غرض دنيوي، كمن يصلي ليراه الناس، لم تكن عبادة.
الباب الثالث والعشرون: في أنواع العبادة من العلم والعمل.
الفكرة الرئيسية: العلم والعمل يجب أن يتكاملا لتحقيق العبادة الصحيحة، حيث أن العلم بدون عمل لا ينفع، والعمل بدون علم لا يكون صحيحًا.
الأفكار الفرعية:
- تتناول أنواع العلم إلى نظري وعملي:
– العلم النظري: هو العلم الذي يكفي معرفته دون الحاجة إلى تطبيق عملي كـ (معرفة وحدانية الله، ومعرفة الملائكة، والكتب السماوية، والرسل، واليوم الآخر).
– العلم العملي: هو العلم الذي يتطلب تطبيقًا عمليًا بعد معرفته، كـ ( معرفة كيفية أداء الصلاة، وإخراج الزكاة، والصوم، والحج، وبر الوالدين).
العلم النظري والعلم العملي يتكاملان في حياة المسلم، فإن معرفة وحدانية الله (علم نظري) تؤثر على كيفية أداء الصلاة (علم عملي). - تقسيم الأعمال إلى ثلاثة أنواع:
– أعمال القلب: مثل الإيمان، والتوكل، والخشوع، والنية الصالحة. هذه الأعمال تتعلق بالقلب والنية الداخلية، وهي الأساس الذي تُبنى عليه أعمال البدن.
– أعمال البدن: مثل الصلاة، والصوم، والحج. هذه الأعمال تتطلب جهدًا بدنيًا.
– الأعمال المشتركة بين القلب والبدن: مثل الجهاد، والصدقة، وبر الوالدين. هذه الأعمال تتطلب إلى توازن بين النية الصالحة والجهد البدني، وإهمال أحد الجانبين يُفقد العمل قيمته.
الباب الرابع والعشرون: في أن الغرض من العبادة تطهير النفس، واجتلاب صحتها.
الغرض من العبادة هو تطهير النفس واجتلاب صحتها، وليس انتفاع الله بها، فهو غني عن العالمين. فالعبادة تزيل “الأنجاس والأمراض النفسية” التي تصيب الإنسان، مثل العمى والصمم والبكم الروحي، حيث قال الله تعالى:﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٧١]. وكذلك المرض القلبي كما في قوله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [البقرة: 10]، وهذه الأمراض تمنع الإنسان من إدراك الحق، مما يجعله كالميت روحيًا كما قال تعالى:﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ [النمل: 80]، أما المؤمنون فهم أحياء بالبصيرة، كما في قوله:﴿لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا﴾ [يس: 70].
الباب الخامس والعشرون: في بيان الأمراض والأنجاس التي لا يمكن إزالتها إلا بالشرع.
الفكرة الرئيسية: الأمراض والأنجاس (المادية والنفسية) جزء من طبيعة الإنسان، ويؤكد على ضرورة إزالتها وفقًا للشرع لتحقيق حياة طيبة في الدنيا ونعيم الآخرة.
الفكرة الفرعية:
- التطهير يشمل النجاسات (المادية) تتعلق بالأوساخ والشعر الزائد التي تزال للتحضير للعبادة، بينما (الأمراض النفسية) كالجهل والشره والعجلة والظلم هي الصفات السلبية التي تعيق الصحة النفسية.
- التطهير اختبار للدافعية لدى الإنسان ويتطلب بذل الجهد والالتزام لتحسين النفس وتنقية القلب ليحقق التوازن بين الجسد والروح قال تعالى:﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: ٩].
الباب السادس والعشرون: في القوى التي يجب إزالة أمراضها وأنجاسها والمعاني التي تحصل منها.
يتحدث المؤلف الأصفهاني -رحمه الله- عن إزالة الأنجاس، واجتلاب الطهارة ،وإماطة المرض بإصلاح القوى الثلاث: قوة الشهوة، قوة الحمية، وقوة الفكر. و يوضح أن بإصلاح هذه القوى يتحقق: (العفة بالتحرز من الشره وإماتة الشهوة/ الشجاعة بالتحرز من الجبن والتهور والحسد/ الحكمة العملية بالتحرز من البله والخداع).
ويشير الأصفهاني إلى أن إصلاح هذه القوى يؤدي إلى اكتساب قوة العدالة، فيقتضي الإنسان بالله في سياسة نفسه وغيره، ويحذر من ظلم النفس التي هي أعدى أعدائه، مستشهدًا بقوله تعالى:﴿إِنَّ ٱلنَّفْسَ لَأَمَّارَةٌۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾ [يوسف: ٥٣]. كما يؤكد أن الأعمال الصالحة (كالصلاة) تنهى عن الفحشاء والمنكر والتي تعتبر حصنًا من اتباع شهوات النفس.
الباب السابع والعشرون: في كون الإنسان مفطور على إصلاح النفس.
الفكرة الرئيسية: الإنسان مفطور على إصلاح نفسه واكتساب الخير أو الشر، وهو ميسر لكلا الطريقين وفق اختياره وسلوكه قال تعالى:﴿وَهَدَيْنَاهُ ٱلنَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: ١٠].
الأفكار الفرعية:
- المسؤولية الشخصية من خلال التعود الذي يصنع الطبع ويثبته، مثل الشجرة التي يسهل تقويمها وهي صغيرة.
- التطوير الذاتي من خلال:
– التأديب والتهذيب اللذان يؤثران في الأخلاق قال تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: 114].
– إمكانية التغيير رغم اختلاف الطبائع، ولو لم يكن التهذيب ممكنا لبطلت فائدة الوعظ والتأديب.
الباب الثامن والعشرون: في سبب رذيلة الإنسان وتأخره عن الفضيلة.
يذكر المؤلف رحمه الله سبب تأخر الإنسان عن الفضيلة وذلك في عدة عوامل:
- نقص في الخلقة أو العجز الطبيعي: إذا كان الإنسان يعاني من ضعف يمنعه من السعي نحو الفضيلة، يكون معذورًا، كما في الآية:﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦].
- عدم توفر الظروف المساعدة: إذا لم يتوفر من يرشد الإنسان نحو الفضيلة، يكون معذورًا وأجره على الله، كما في قوله: ﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٠].
- التأثر بمعلم مُضل: إذا أضله معلم سيء، يكون معذورًا إذا لم يجد من يهديه، والإثم على المضلين. وإذا رفض الهداية بعد أن وجدها، يتحمل الإثم.
- الاختيار الشخصي للضلال: إذا حصل على الهداية لكنه اختار الضلال عن قصد، يستحق العقاب، كما في قوله تعالى: ﴿وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِيٓ ءَاتَيْنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ﴾ [الأعراف: 175].
- والعامل الحاسم في تأخر الإنسان عن الفضيلة هو مدى توفر الإرادة والظروف التي تساعده على الهداية.
الباب التاسع والعشرون: في أحوال الناس ومنازلهم وفي تعاطي الأفعال المحمودة والمذمومة وطرقها.
يوضح المؤلف أحوال الناس في تعاطي الأفعال المحمودة والمذمومة، ويقسمهم إلى أربعة أصناف:
- من يمتلك العلم والعزيمة: الذين يعملون بالعلم والعزم، وهم موصوفون في القرآن بـ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَـٰنِهِمْ﴾ [يونس: ٩].
- من لا علم له ولا عزيمة: الذين لا يعقلون أو لا يتعلمون ما يجب عليهم، كما في الآية: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [الأنفال: 22].
- من لديه العلم ولكن يفتقر للعزيمة: أسوأ من الجاهل، كما قال أمير المؤمنين علي: “من كانت ضلالته بعد التصديق بالحق فهو بعيد من المغفرة”.
- من لا علم له ولكن لديه عزيمة: إذا اتبع أهل العلم، يصبح أكثر نجاحًا، كما في الآية: ﴿وَأُو۟لَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَ وَحَسُنَ أُو۟لَـٰٓئِكَ رَفِيقًۭا﴾ [النساء: ٦٩]
الأفعال تتحول إلى خلق من خلال التكرار كما في الحديث عن الحذق: “من تعود فعل شيء أصبح له ملكة فيه”.
العبادة تكون محمودة إذا كانت خالصة لله لا لأغراض دنيوية كما في قوله”: ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُوا۟ وَأَصْلَحُوا۟ وَٱعْتَصَمُوا۟ بِٱللَّهِ وَأَخْلَصُوا۟ دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًۭا﴾ [النساء:١٤٦]
الباب الثلاثون: في ارتداد الناس من طريق الخير والشر.
الفكرة الرئيسية: يتناول الباب ارتداد الناس من طريق الخير والشر، موضحًا كيف يؤثر الاستمرار في الأفعال الصالحة أو السيئة على الإنسان، سواء بالقدرة على الرجوع أو بالتأثيرات السلبية التي تحدث للقلب والعقل.
الأفكار الفرعية:
- إمكانية الرجوع في البداية: الإنسان يستطيع العودة عن فعل الخير أو الشر في بداية الطريق.
- تأثير الأفعال على القلب والعقل: الأفعال الصالحة تؤدي إلى نقاء القلب وصفاء العقل، بينما الأفعال السيئة تؤدي إلى قسوة القلب وتشويش العقل.
- إغلاق القلب بسبب الشر: التمادي في الشر يؤدي إلى غلق القلب وإبعاده عن الهداية.
- التوبة: التوبة تقبل من الذين يعودون عن معاصيهم عن جهل، أما من يصر على المعصية فلا تقبل توبته.
الباب الحادي والثلاثون: في قدر ما في الوسع من اكتساب السعادة.
الفكرة الرئيسية: يتناول الباب كيفية اكتساب السعادة في الحياة، موضحًا أن الإنسان قادر على السعي نحو السعادة بقدر استطاعته، مع الاعتراف بنقصه والابتعاد عن الشهوات والشرور، والتقرب إلى الله.
الأفكار الفرعية:
- قصور الإنسان: لا يستطيع تزكية نفسه تمامًا بسبب طبيعته البشرية قال تعالى:﴿مَا أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [عبس: 17].
- التوبة والجهد والسعي لتطهير النفس وفعل الخير، الدليل قال تعالى ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ تُوبُوٓا۟ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةًۭ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّـَٔاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـٰرُ﴾ [التحريم: ٨].
- القصورعن الطمأنينة التامة: الإنسان لن يتخلص تمامًا من صفاته الدنيوية، ويحتاج لرحمة الله كما حدث مع إبراهيم عليه السلام ﴿قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: 260]، ليتأكد بشكل أقوى رغم إيمانه القوي بالله.
- مجاهدة النفس: الهجرة من الشهوات والجهاد ضد الهوى يؤديان إلى السعادة الحقيقية بدليل قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُوا۟ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: ٦٩].
- التبديل الإيجابي للصفات النفسية السيئة كـ(الشُّح، والشَّره، والظلم، والطيش)، إلى الصفات النفسية الحسنة كـ(الجود، والعفة، والعدالة، والتؤدة)، كما في قوله تعالى ﴿ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍۢ﴾ [الفرقان: ٧٠]
الباب الثاني والثلاثون: في إثبات المعاد وفضيلة الموت وما يحصل بعده من السعادة.
الفكرة الرئيسية: إثبات المعاد وفضيلة الموت، موضحًا أن الموت ليس نهاية بل هو انتقال إلى حياة أبدية وسعادة دائمة. وأن الموت هو وسيلة للوصول إلى النعيم الأبدي، ويجب على الإنسان أن يتأمل في العواقب وأن يدرك أن الحياة الدنيا ليست إلا مرحلة مؤقتة.
الأفكار الفرعية:
- إنكار المعاد من قبل بعض الناس: إنكار المعاد ينشأ من الانشغال بالشهوات الدنيوية، مما يؤدي إلى شعور بالفراغ واللامعنى في الحياة.
- الإرادة والاختيار والتفكر في العواقب: هذه الخاصية عند الإنسان تمنحه القدرة على التفكير في العواقب واتخاذ قرارات تؤدي إلى السعادة الأبدية.
- فضيلة الموت ونعمة الموت: وتقبله كجزء طبيعي من الحياة يقلل من الخوف والقلق، ويعزز من الشعور بالسلام الداخلي، الموت يعتبر نعمة لأنه الوسيلة التي يتوصل بها الإنسان إلى الحياة الحقيقية والنعيم الأبدي، كما روي: “إنكم خلقتم للأبد لكنكم تنقلون من دار إلى دار حتى يستقر بكم القرار”.
- التوبة والإصلاح: يعززان من فرص الحصول على السعادة الأبدية ويحققان السلام الداخلي، مما يساعد على التخلص من الشعور بالذنب.
- التوازن بين الدنيا والآخرة: التوازن بين الاهتمام في أمور الدنيا والاستعداد للآخرة يساعد على العيش حياة متوازنة ويقلل من التوتر، كما قال على بن طالب -رضى الله عنه-: “الدنيا دار ممر لا دار مقر، فاعبروها ولا تعمروها. وقد خُلقتم للأبد، ولكنكم تنقلون من دار إلى دار حتى يستقر بكم القرار”.
الباب الثالث والثلاثون: في فضيلة الإنسان إذا شرف على الملائكة.
الفكرة الرئيسية: تفضيل الإنسان على الملائكة في حالات معينة، خاصة عندما يصل إلى مرحلة روحانية عالية بعد اجتياز العقبات الدنيوية وتحقيق السعادة الأبدية.
الأفكار الفرعية:
- تصنيف الناس إلى نوعين: نوع لم يحقق جوهر الإنسانية وهم أقل من البهائم في بعض الجوانب، ونوع حقق الغاية من الخلق.
- حالة الإنسان في الدنيا: يكون تحت تأثير حاجاته الجسدية ( الجوع، العطش، الألم) فلن يكون أفضل من الملائكة.
- حال الانسان بعد اجتياز العقبات: يكون من الذين﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: ٣٨]، يصبح أفضل من كثير من الملائكة.
القسم الثالث: مراجعة الكتاب.
1) الكلمات المفتاحية التي قد تميز الكتاب.
- النشأة: مفهوم الحياة الأولى والآخرة كما ورد في الكتاب، حيث تتحدد مصائر الإنسان.
- السعادة: السعادة الحقيقية التي يسعى الإنسان لتحقيقها في الدارين، من خلال التزكية والمعرفة.
- النفس: جوهر الإنسان الداخلي الذي يتأرجح بين العقل والهوى، ويحتاج إلى التزكية للوصول إلى الكمال.
- العقل: القوة التي تميز الإنسان، وتمكنه من الاختيار والتفكير والتمييز بين الحق والباطل.
- الروح: الجوهر غير المادي في الإنسان، الذي يرتبط بحقيقته الباطنية وعلاقته بالله.
- الهوى: الرغبات والشهوات التي قد تضل الإنسان عن طريق الحق إذا لم يتم ضبطها بالعقل.
- التزكية: عملية تطهير النفس من الصفات السلبية واكتساب الفضائل للوصول إلى الكمال الإنساني.
- الخلافة: دور الإنسان في الكون كخليفة لله في الأرض، ومسؤوليته في إعمارها بالعدل والصلاح.
- الفكر: قدرة الإنسان على التأمل والتحليل لفهم الحقائق واتخاذ القرارات الصائبة.
- المعرفة: إدراك الإنسان لحقيقة ذاته والعالم من حوله، وهو السبيل لفهم الحكمة الإلهية.
2) نقاط القوة والأهمية العلمية للكتاب.
نقاط القوة:
- المنهجية العقلية والدينية المتوازنة: يجمع الكتاب بين التأمل العقلي والنصوص القرآنية، مما يعزز فهم العلاقة بين الإنسان والخالق. على سبيل المثال: يركز على إصلاح النفس البشرية عبر الأعمال الصالحة ويستشهد بقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ﴾ [العنكبوت: ٤٥].
- العمق الفلسفي في فهم الإنسان: يبرز الكتاب الإنسان ككائن مركزي في الوجود، قادر على الربط بين المعقولات والمحسوسات، مما يعكس فهمًا فلسفيًا عميقًا لدوره في الحياة.
- التأمل في النفس والطبيعة البشرية: يناقش الكتاب كيفية تحقيق الطمأنينة عبر التخلص من الصفات البشرية السلبية مثل: الحرص والشبق، مستندًا إلى قصة سيدنا إبراهيم مع الطيور الأربعة.
الأهمية العلمية للكتاب:
- إثراء الفلسفة الإسلامية: يقدم الكتاب تفسيرًا عميقًا للنشأتين (الدنيا والآخرة)، ويبرز أهمية المعاد كجزء من العقيدة الإسلامية، مما يساهم في فهم أوسع لمفهوم الموت والحياة الآخرة، وتوسيع نظرة الحياة إلى ما بعد الموت.
- تعزيز فهم القرآن: يوضح الكتاب أن تعليم القرآن يجعل الإنسان “إنسانًا على الحقيقة”، ويربط البيان الحقيقي بمعرفة القرآن والالتزام بمقتضياته.
- إسهام معرفي في علم النفس الإسلامي: يناقش الكتاب النفس البشرية كعدو داخلي للإنسان، ويؤكد أهمية السيطرة عليها من خلال العقل والإيمان، مما يتفق مع مبادئ علم النفس الإسلامي.
3) نقاط الضعف.
- اللغة والأسلوب: قد يجد بعض القراء صعوبة في فهم الأسلوب الفلسفي المعقد واختياره لبعض الكلمات الفلسفية (واجب الوجود، الإمكان، العقل الفعال، المعقولات العلوية، العناصر الأربعة، القوى السبعة).
- تأثره بالفكر الفلسفي في بعض جوانبه، مما قد يجعله غير مناسب لبعض القراء.
- وجود بعض الأحاديث التي تُعتبر ضعيفة أو موضوعة مثل حديث: “أول ما خلق الله العقل، فقال له: أقبل، فأقبل …”، وهذا حديث موضوع لا يصح نسبته إلى النبي ﷺ. أو حديث: “خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد…” وُجد في صحيح مسلم ولكن تعرّض للنقد من قبل بعض العلماء لتعارضه مع نصوص القرآن.
4) الفئات التي قد تستفيد من الكتاب.
- الباحثون في الفلسفة الإسلامية وعلم النفس الإسلامي، وعلماء النفس وعلماء الدين الذين يسعون إلى فهم طبيعة النفس البشرية وعلاقتها بالعقل والقلب والروح.
- المهتمون بتفسير القرآن وتعزيز العلاقة بين الشرع والعقل.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..